الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 08:32 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. محمد يحيي يكتب عن الصيدلة والابداع

الدكتور محمد يحيى
الدكتور محمد يحيى

الصيدلة... لا تزال تلك المهنة الطبية السامية تحتفظ ببريقها و سحرها الخاص، و لا يزال الصيدلي يحتفظ لنفسه بتلك الهالة التي تجعل الجميع ينتظر منه معرفة متعمقة بأصناف الدواء و استخداماتها و بالكثير من المعلومات الطبية المتنوعة. و هذه الهالة كان لا بد و أن تمتد الى الأعمال الفنية و الأدبية و أن يتلقف الكتاب و السينمائيون هذه المعرفة بأصناف الدواء و بالكيمياء و تفاعلاتها الشيقة و بالنباتات الطبية المختلفة و التي تمتزج أيضا مع الوظيفة الطبية و تفاعلاتها الإنسانية و أن ينتج عن ذلك قدرة خاصة على خدمة السياق الدرامي و على مزج اللمحة العلمية مع التشويق و مع السياق الإنساني المؤثر.
فمن منا لا يذكر العمل السينمائي الكبير (حياة أو موت) و من لا يهرع النداء الشهير الى التردد في أذنه (الى أحمد ابراهيم....الدواء فيه سم قاتل) و ذلك بمجرد ذكر الفيلم. و من منا لا يذكر دور الصيدلى المحوري في قصة الفيلم بقدرته على تركيب الأدوية و بدوره في التعامل المباشر مع المرضى و بالبعد الانساني الكبير و الاحساس بالمسؤلية العالية التي جعلته يحاول طوال الفيلم و بشتى الطرق أن ينقذ مريضه و لو كلفه ذلك التضحية بنفسه و ان يبذل كل المحاولات الحثيثة لإنقاذ مريضه حتى تكلل مسعاه بالنجاح. و هذا العمل يُعد واحد من اشهر افلام السينما المصرية و قد أُختير ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية بل إن هذا الفيلم قد ترشح لمهرجان كان و نال جائزة الدولة و حظى بغيرها من أشكال التكريم. فبالإضافة الى الموهبة المتفردة لصناع الفيلم الكبار، جاء دور الصيدلي ليكسب قصة الفيلم أبعاد علمية و إنسانية متعددة و ليلعب دور في فرادة القصة و تشويقها و في السياق الدرامي الفريد. و برغم إنتاج هذا العمل عام 1954، و برغم مرور سبعين عاما إلا أنه لا يزال حاضرا في الذاكرة و محتفظاَ بإشادة و اعجاب النقاد و المشاهدين.
و اليوم لا يزال عالم الصيدلة يزخر بالحيوية و لا يزال يشكل منطلقا و رافدا ثريا للإبداع كما أنه لا يزال يحمل فرصاً متجددة و آفاقاً رحبة للتحليق في سماء الإبداع. فمع إنتشار الوعي بوجود أدوار أخرى للصيادلة في مصانع الأدوية و المستشفيات و الصيدلة الاكلينيكية و شركات الدواء إلى جانب دور الصيدلي في الصيدليات، برزت هذه الأدوار أكثر كميادين خصبة لاستنباط المزيد من الأفكار الابداعية و الروائع الأدبية. فهذه الأدوار تحمل أيضا من الأهمية و من الأبعاد العلمية و الانسانية ما يجعلها تمثل فرصاً للإستلهام و منطلقاً للإبداع مثلها مثل دور الصيدلى في الصيدليات و الذي حظي بالنصيب الأكبر حتى الآن. كما أنه بالإضافة الى دخول الصيدلي كبطل في الأحداث الدرامية و في سياق القصص الحياتية المختلفة، فإن عالم الدواء بحد ذاته به من قصص اكتشاف الدواء و من الأحداث المختلفة ما يشكل مادة خصبة بحد ذاته لكثير من الأعمال الابداعية، فهو عالم ضخم يجمع بين مراكز الأبحاث الكبرى و الشركات العملاقة و المصانع المتقدمة وصولا الى الصيدليات و المستشفيات، كما أنه يتعامل مع الدواء بكل أهميته في حياة الإنسان. و أخيرا، فلطالما كان بين العلوم المختلفة و بين الآداب و الفنون من وشائج القربى الكثير و لطالما ألهم كل منهم الآخر في مسيرة العقل الانساني الدءوبة نحو الابتكار و الابداع.

الصيدلة/الابداع