الإثنين 31 مارس 2025 12:25 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

سليم النجار يكتب: ”إيفا” مجموعة قصصية للقاصة وداد أبو شنب ”يوميات امرأة”

غلاف المجموعة
غلاف المجموعة

تُشكِّلُ الكتابةُ عن الذات وبها، مظهراً من مظاهر إعادة التأمّل في سؤال الكينونة والوجود، وارتباطاً بفعل الزمن في الحياة والجسد، خاصّة لمّا تنهضُ، من بعيد، على التقاط المؤشرات اللّحظية الشفيفة والمنعطفات الحياتيّة التي تأسّست عليها رؤيا الذات والعالم، وبما أنّ الكتابة القصصية بما هي لحظة مكاشقة وإنصات للأنا المنفلتة من عقال الزمن الشارد دوماً، ولحظة حنين للذكريات قد تكون ذكريات جميلة أو أليمة كما قرأنا في قصة "عبق ميلادي" ،( لاشيء جديد هذا الصباح، غير أنه منذ عقود سقطتُ كقنبلة موقوتة على هذا الكوكب الخِرب ص١٦)٠
وبهذا المعنى، يُصبح القص عن الذات إعادة بنائها من جديد، بوعي وزخم انفعالي وشعوري ما يتسع لملء أضعاف مضاعفة من الأفكار، التي تكشف منعطفات شاقة عاشتها الذات كما نقرأ في قصة "كعكة الطلاق"، (أغلقت الباب، ونادت أطفالها وقالت فلنحتفل بكعكة الحرية ص٣٢)٠
وللذكريات المتفرقة التي تظل ملغزة في كثير من مناحيها، فالجزء المقموع أو المنسى من الذاكرة غالباً ما يكون أكثر أهمية، وأكثر دلالة من الأشياء التي تتذكّرها يعد القص سياقاً لحظة سفر في الزمن من أجل القبض على هذا المنفلت من زمن حياة الشخصية الذي يقدّر ما يهمه مراجعة هذا السّجل الحافل من الذاكرة النائمة كما نقرأ في قصة "العَاقر"،( حلمٌ دافىء تحتضن فيه صغيرًا كما كانت ص٤٨)٠
ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أنّ المجموعة القصصية "إيفا" صدرت عن دار الآن ناشرون وموزعون-٢٠٢١- عمان ، تناولت فكرة تاريخ الفكر الإنساني من ميتافيزيقا الحضور، الذي تعتبره الإنسانية اصلا غاية تعلّل بواسطتها ما هية الأشياء ووظيفتها في الوجود البشري، الذي لم يغادر الحلم الغائب والحقيقة المفقودة كما قصّت القاصة وداد في قصتها "خيانة إلكترونية"، (أنا قمت بذلك لأني متأكدة بأنّك زوجي، وأنت كنت متاكّدًا بأنًّني أخرى ٠٠ فأيُنا الخائن! ص١٠٩)٠
استطاعت القاصة وداد في قصتها " أربعة أحياء وميّت" خلخلة كل الترتيبات والثنائيات التي تدل على انشداد القص دوما لثنائية أصل/ هامش، وهو ما يظهر مثلا في ثنائية كلام/ كتابة، خير/ شر، سرد أدبي يبحث عن تدمير المعنى لإعادة معنى جديد للقص، (تأتي الفاجعة التي تُعتبر أكبر من فاجعة الفقد، الزّوج نفسه؟ زوج لأربع نساء ص١٢٣)٠
كما كشفت وداد عن أنّ ما يتحكّم في بنية التفكير والسلوك البشري ليس الوعي وحده، وإنما جانب أخر يكمن في منطقة غامضة ومستترة داخل الذات التي سماها فرويد "اللاوعي"، وتحيل بالرغبات المكبوتة والعقد الدفينة التي أقصاها المجتمع من التحقّق والظهور لتعارضها مع ثوابته ونظمه المتوارثة، كما قرأنا في قصتها "القرار" ، ( يرسم على وجهه ابتسامة النّصر ويضيء بثقافته التقليدية إلى حيث وجهته ص١٣٦)٠
يبقى سؤال هل استطاعت القاصة وداد ابوشنب في مجموعتها القصصية "إيفا" في ترحال سردي شجون الزوايا والأحداث والحبكات؟ الإجابة متروكة للمتلقي٠ واستطيع القول إنها استطاعت قص يوميات إمرإة بنقائضها ٠٠٠ لتبحر عميقاً في عالمها فكانت "إيفا"٠

2b09e53afa82.jpg
9e7c2be3fe6b.jpg
a03b04a2cfb1.jpg
وداد/ابوشنب