أيمن سلامة: الانتماء الوطني حصن الأمن القومي المصري

في خضم التحديات التي تواجهها مصر، يبقى الانتماء الوطني حجر الزاوية في الحفاظ على الأمن القومي وتعزيز استقرار الدولة. فقد خاضت مصر معركة شرسة ضد الإرهاب في سيناء، وتمكنت بفضل تضحيات جيشها الباسل وأجهزتها الأمنية من دحر قوى الظلام التي حاولت زعزعة أمنها واستقرارها. ومع ذلك، لم تتوقف التحديات عند هذا الحد، إذ تستمر بعض الأطراف المناوئة للدولة المصرية في محاولاتها اليائسة للنيل من استقرار الوطن، مستخدمةً وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر الأكاذيب والشائعات المغرضة التي تستهدف تقويض أركان الدولة وإثارة البلبلة بين صفوف المواطنين.

ليس خافيًا أن هذه الحرب، وإن كانت تتخذ طابعًا إلكترونيًا وإعلاميًا، إلا أن آثارها لا تقل خطورة عن المعارك الميدانية، بل ربما تفوقها تأثيرًا حينما تتمكن من النفاذ إلى عقول الشباب وتسميم أفكارهم بسموم التشكيك والعدمية. وهنا تتجلى أهمية غرس قيم الانتماء الوطني والمواطنة منذ الصغر، بحيث ينشأ الجيل الجديد وهو مدرك لأهمية وطنه، واعٍ بحجم التضحيات التي بُذلت من أجل أن ينعم بالأمن والاستقرار، محصّنًا ضد محاولات التشكيك والتضليل التي تستهدف زعزعة ثقته بدولته ومؤسساته.

إن بناء الانتماء الوطني لا يتم عبر الشعارات الرنانة أو المقولات العاطفية فحسب، بل هو عملية شاملة تتطلب جهودًا متضافرة من الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والمؤسسات الثقافية والدينية. فحينما يتشبع الطفل منذ صغره بقيم الانتماء، وحينما يدرك أن مصر ليست مجرد بقعة جغرافية يعيش عليها، بل هي تاريخه وهويته ومستقبله، فإنه سيصبح أكثر قدرة على التصدي لمحاولات التشكيك وأكثر حرصًا على الدفاع عن وطنه ضد أي تهديد.

وتستخدم الدول في هذا الإطار مسارات متعددة لتعزيز الانتماء، من بينها إدماج القيم الوطنية في المناهج الدراسية، وإقامة الفعاليات الثقافية التي تعزز الهوية الوطنية، ودعم الخطاب الإعلامي الهادف الذي يبرز إنجازات الدولة ويعزز الوعي لدى المواطنين. كما أن تفعيل دور المؤسسات الدينية والثقافية في نشر الخطاب التوعوي، وتعزيز مفهوم المواطنة الحقة التي تقوم على الحقوق والواجبات المتبادلة، يشكل ركيزة أساسية في هذا المسعى.

إن الانتماء الوطني ليس مجرد شعور، بل هو سلوك وممارسة، وإذا نجحنا في غرسه في نفوس الناشئة، فإننا نحمي مستقبل مصر، ونعزز أمنها القومي، ونحصّنها ضد كل محاولات الاختراق والتشكيك. فلا أمن بلا انتماء، ولا استقرار بلا وعي وطني يدرك حجم التحديات، ويؤمن بأن مصر فوق كل اعتبار.