الأربعاء 5 مارس 2025 01:16 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

كيف يؤثرُ المواطن في قوةِ الدولةِ المصريةِ؟

كيف يؤثرُ المواطن في قوةِ الدولةِ المصريةِ؟
كيف يؤثرُ المواطن في قوةِ الدولةِ المصريةِ؟

حسام عيسى

باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

• أكدَ الفليسوفُ “جان جاك روسو” منذُ القرنِ السادسَ عشرَ في كتابهِ ” العقدُ الاجتماعيُ” _ أن الفردَ هو من يهبُ حريةَ الدولةِ وهو المكونُ الرئيسيُ للدولةِ _ حيث إن الفردَ يهبُ جزءاً من نفسهِ لصالحِ الجميعِ من أجلِ الدولةِ _ إن الفردَ هو صانعُ الدولةِ والحامي لحريتِها _ تلك الأفكارُ كانت سبباً بإنهاءِ الحكمِ الكهانوتيِ في أوروبا وبدايةِ بناءِ الدولِ.

• وتأكيداً لنظريةِ العقدِ الاجتماعيِ في ان الفردَ هو أساسُ الدولةِ_ يُظهرُ الفيلسوفُ “توماس هوبز” _ ويؤكدُ على الملكيةِ المطلقةِ للفردِ وأن الدولةَ أحدى ممتلكاتهِ _ وأنه من يضعُ الأفرادَ لإدارةِ الدولةِ طبقاً لذاتيةِ الفردِ وتطلعاتهِ وطبقاً لقدراتهِ الفكريةِ والعلميةِ _ أكدَ ذلك في القسمِ الثاني في كتابهِ الصادرِ عام 1651م، منتصفَ القرن السابعَ عشرَ”اللفياثان… الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة” .

• كما وضعَ الفيلسوفُ “جون لوك” في نهايةِ القرنِ السابعَ عشرَ بعضاً من الأفكارِ الفلسفيةِ في كتابهِ “الحكومة المدنية” _ حيث أكدَ يجبُ على الفردِ أن يدعمَ الملكيةَ المنضبطةَ والمقيدةَ من أجلِ أمنِ وأمانِ المجتمعِ وان الفردَ هو الواضعُ لتلكَ القوانينِ المقيدةِ للفردِ في الحريةِ والملكيةِ.

• من خلالِ هؤلاءِ الفلاسفةِ قد وضعوا الأسسَ الرئيسيةَ في الدولةِ المدنيةِ الحديثةِ _ حيثُ أكدوا أن الفردَ هو واهبُ حريةِ الدولةِ وهو حاميها وأن الفردَ من يضعُ الأفرادَ لإدارةِ الدولةِ وأن الفردَ من يضعُ القوانينَ المقيدةَ لحريتهِ وممتلكاتهِ ومنظماً للأمنِ في الدولةِ، وأن الفردَ هو أساسُ الدولةِ_ ” إن صلحَ الفردُ صلحتْ الدولةُ “_ كما إن اصلاحَ الدولةِ يبدأُ من الفردِ .

• لقد وضعَ العالمُ “رتزال” قائدُ علمِ الجيوبولتيك في كتابهِ “أسس الجغرافيا” _ أسسَ قياسِ الدولِ الكبرى فوضعَ أولَ هذه الصفاتِ هي ثقافةُ الفردِ وكيف ينشرُها في المجتمعِ لتكونَ هي الأكثرَ تأثيرا في محيطهِ الأقليميِ، وكيف تكونُ الثقافةُ هي على قمةِ مميزاتِ الدولِ لتكونَ دولةً كبرى .

• وضعَ العالمُ “تالكوت بارسونز” في كتابهِ ” السياسة والبناء الاجتماعي” _ كيفيةَ مواجهةِ الفردِ للتحدياتِ الداخليةِ في احتياجاتهِ ومواجهةِ تحدياتِ البيئةِ الدوليةِ في الاعتمادِ على الذاتِ وتوجيِ رغباتِ الفردِ فيما هو لصالحِ الفردِ والدولةِ وخلقِ توازنٍ اجتماعيٍ يكونُ حراً من الضغوطِ الخارجيةِ، وبذلك تم وضعَ “بارسونز” كيفيةَ مواجهةِ الفردِ لرغباتهِ والاعتمادِ على مجتمعهِ في تلبيةِ احتياجاتهِ ليكونَ مجتمعاً أكثرَ قوةً وأكثرَ قدرةً على مواجهةِ الضغوطِ الخارجيةِ.

• إن المجتمعَ بعاداتهِ وتقاليدهِ هي الحاكمةُ والمحددةُ لنظامهِ السياسيِ تلك العاداتُ والتقاليدُ التي نشأَ عليها الفردُ في مجتمعهِ والتي تدلُ على أصولهِ الاجتماعيةِ؛ لذا من الصعبِ فرضُ نظامٍ سياسيٍ على الفردِ والمجتمعِ مختلفٍ في عاداتهِ وتقاليدهِ وغيرِ متوافقٍ مع هُويتهِ _ وبذلك يكونُ الفردُ هو من يقرُ ويلتزمُ بالعاداتِ والتقاليدِ وهو من يضعُ كيفيةَ تكوينِ النظامِ السياسيِ في إدارةِ شئونِ الدولةِ_ هذا ما كتبهُ العالمُ “نصر محمد عارف” في كتابهِ ” نظريةُ التنميةِ السياسيةِ المعاصرةُ” _ وتلك الأفكارُ قد أكدَ عليها العالمُ “ريتشارد هيجوت” في كتابٍ بنفسِ عنوانِ عارف “نظريةُ التنميةِ السياسيةِ” _ وبذلك ما تفرضهُ الإدارةُ الأمريكيةُ من نظامٍ سياسيٍ أمريكي ما هو إلا اختراقٌ في الهويةِ المصريةِ و تغيرٌ في مفاهيمِ إدارتهِ لحكمِ الدولةِ، مما ينتجُ عنه اضطراباتٌ فكريةٌ لدى الفردِ، ويؤدي الى عدمِ استقرارٍ سياسيٍ في مصرَ .

• لقد فجرَ العالمُ “دايوش شيغان ” في كتابهِ “أوهام الهوية” _ أن العالمَ الثالثَ قُتلتْ هويتهُ سواءٌ بعدمِ استقرارِ المجتمعِ على مرتكزاتٍ فكريةٍ تكونُ هي المرجعَ أو المنارةَ الفكريةَ للفردِ أو للمجتمعِ، حيث فرضَ المحتلُ على تلك الشعوبِ طريقةَ تفكيرٍ مختلفةٍ عن بيئتهِ الاجتماعيةِ ومختلفةٍ في تناولِ الحلولِ، وأصبحتْ تلك الشعوبُ بلا هوية، أي غيرُ قادرةٍ على التوصلِ الى حلولٍ مجتمعيةٍ ترضيِ أغلبيةَ أفرادِ المجتمعِ، وهذا ما فعلهُ الإحتلالُ في مصرَ على مدارِ ثلاثةِ الافِ عامٓ، فقدَ فيها الفردُ قدرتَه على بناءِ هويةٍ وطنيةٍ تستطيعُ أن تبنيَ هويةً حضاريةً.

• لقد جمعَ الكاتبُ “كلود دوبار” في كتابهِ “أزمات الهويات”_ أن سقطاتِ الفردِ في المجتمعِ في تشبثهِ بالهوياتِ الأثنيةِ أو الهوياتِ المصطنعةِ التي تؤديِ الى انقسماتِ المجتمعِ وشرذمتهِ فكرياً، وتخلقُ هوياتٍ متضاربةً تعجزُ عن حمايةِ المجتمعِ وعن هويتهِ امامَ التحدياتِ التي تواجهُها الدولةُ، وذلك من خلالِ فرضِ ديمقراطيةٍ أمريكيةٍ على مصرَ، حيث إن الإيمانَ بالهوياتِ المصطنعةِ مثلُ الأحزابِ والنقاباتِ أو تطبيقُ نظامِ حكمٍ مخالفٍ للبيئةِ الاجتماعيةِ قد يؤثرُ سلباً على الهويةِ الوطنيةِ للفردِ وهذا من الأثارِ السلبيةِ لغرسِ نظمِ حكمٍ بعيدةٍ عن الطبيعةِ الاجتماعيةِ للدولِ، كما أن بعضَ الأفرادِ الذين يتشبثونَ بهويتهِم الأثنيةِ، في كونهم من القبائلِ أو من عائلة ينتمي أليها أكثرَ من أنتمائهِم الى الدولةِ، ذلك يؤدي الى الإنقسامِ المجتمعيِ وضعفِ الدولةِ من الداخلِ وعدمِ تجانسِ افرادِها، هذة الصفاتُ ظهرتْ بشكلٍ واضحٍ في المجتمعِ المصريِ.

• يُظهرُ العالمُ “أمارتيا صن” في كتابهِ ” الهويةُ والعنفُ _ وهمُ المصيرِ الحتميِ” _ وفيهِ يوضحُ فلسفةَ الهويةِ وما وراءَها وكيفيةَ الأستفادةٌ منها بشكلٍ إيجابيٍ، حيثُ يُقرُ أن هويةَ الفردِ هي معتقدٌ فكريٌ وأن الفردَ هو صانعُ هويتهِ الأثنيةِ وأن التشبثَ بتلك الهويةِ الأثنيةِ قد تؤدي في الغالبِ الى صراعٍ حتميٍ وأن توظيفَ الهويةِ بهذا الشكلِ يؤدي الى العنفِ سواءٌ العنفُ الفكريُ في رفضِ الآخرِ و التشبثِ بفكرهِ وأيمانهِ بهويتهِ فقط أو اللجؤِ الى عنفِ الصراعِ والصدامِ بين الهوياتِ والتي تحدثَ عنها “هنتنجتون” في كتابهِ “صراعُ الحضاراتِ” تلك هي اسوءُ استخدامٍ للهويات، كما أن الفردَ الذى بلا هويةٍ يرفضُ الهويةَ الوطنيةَ، وهذا ما أصابَ بعضْ من أفرادِ المجتمعِ المصريِ وخاصةً الشبابَ، إن الهويةَ الوطنيةَ هي الحاميةُ للفردِ والدولةِ من الإنقسامِ والإختلافِ، إن بعضاً من الأفرادِ في مصرَ جاهلأ بهويتهِم الوطنيةِ ولا يدركونَ معانيَها ولا الفائدةَ منها.

• لقد قدمَ عالمُ الاجتماعِ السياسيِ “إيريك إيركسون” في كتابه “البحثُ عن الهويةِ”_ حيث يؤكدُ أن المجتمعَ المعاصرَ بعولمتهِ الاقتصاديةِ ربط َالانسانَ بالعوائدِ الماديةِ وبالعائدِ الاقتصاديِ دونَ النظرِ في المرجعيةِ النفسيةِ والمرتبطةِ بالشقِ الروحيِ والعقائديِ الذي يقدمُ للفردِ سيرورتَه وسلامَه النفسيَ؛ لذا يقدمُ “إريكسون” الوصفةَ العامةَ للبحثِ عن الهويةِ في أن الفردَ عليه أن يسعَى لتلبيةِ احتياجاتهِ الماديةِ لابد أن يسعَى أيضا الى سيرورتهِ التفسيةِ المرتبطةِ بالأمنِ النفسيِ بالترابطِ المجتمعيِ، وأن أفضلَ الهوياتِ هي الهويةُ الوطنيةُ التي تربطُ الفردَ بالوطنِ الذي يقدمُ الأمانَ التفسيَ مع الأمانِ الفكريِ ويقدمُ الأمنَ الماديَ، ولكن سيرورةَ الفردِ تتعاظمُ من خلال هويتهِ الفكريةِ والنفسيةِ عنها في تلبيةِ احتياجاتهِ الماديةِ، تلك هي الهويةُ الوطنيةُ التي تقدمُ إضافةً حضاريةً وإبداعاً فكرياً، وأن افضلَ الهوياتِ هي الهويةُ الوطنيةُ، وذلك واجبٌ على كلِ مواطنِ مصريٍ أن يبحثَ عن الهويةِ الوطنيةِ المصريةِ في أعماقِ نفسهِ وفكرهٍ وقلبهِ، لأن ذلك هو السبيلُ للجمهوريةِ الجديدةِ القادرةِ أن تلبَي طموحاتِ الفردِ وأحلامهِ والتي تتوافقُ مع معظمِ بل أغلبيةُ أفرادِ المجتمعِ المصريِ.

• لقد قدمتْ النظريةُ البنائيةُ الاجتماعيةُ لرائدِها “الكسندر ويندت”_ أن الدولَ الناشئةَ وسيلتُها الأولى للتصديِ للتحدياتِ الدوليةِ من خلالِ الهُويةِ الوطنيةِ _ والاعتمادِ على الذاتِ في الإنماءِ الفكريِ للفردِ وترابطهِ بالمجتمعِ لخلقِ فكرٍ متجانسٍ يقدرُ ان يتكيفَ مع التحدياتِ الدوليةِ وبناءِ هويةٍ وطنيةٍ تكونُ قادرةً على التنميةِ وتلبيةِ مصلحةِ الفردِ من خلالِ تلبيةِ مصلحةِ المجتمعِ، هذا هو الطريقُ الى الجمهوريةِ الجديدةِ، على أن تكونَ الهويةُ الوطنيةُ للفردِ هي أساسُ الدولةِ، حتى نستطيعَ أن نتصدىَ للضغوطِ التي تفرضهُا الدولُ الكبرى .

• كما قدمتْ النظريةُ البنائيةُ الوظيفيةُ كيف يقومُ الفردُ في بناءِ هويتهِ الوطنيةِ و كيفيةِ القدرةِ على توظيفِ أفرادهِ لبناءِ الهويةِ الوطنيةِ القادرةِ على بناءِ هويةٍ حضاريةٍ وقادرةٍ على التنميةِ _ قدمَ ذلك العالمُ “ايان كريب” في كتابه ” من بارسونز الى هابرماس” _ وفيه جمعَ أراءَ فلاسفةِ الاجتماعِ السياسيِ في تقديمِ فكرةٍ فلسفيةٍ في توظيفِ الأفرادِ لبناءِ هويةٍ وطنيةٍ قادرةٍ على التصدي للتحدياتِ الدوليةِ والقدرةِ على التنميةِ في بناءِ مجتمعٍ بتوظيفِ أفرادهِ بشكلٍ قادرٍ على التنميةِ التي تلبي احتياجاتهِ المتوافقةِ مع إمكانياتِ الدولةِ، والتي تعتمدُ على ذاتيةِ الدولةِ، ويلغي رغباتهِ المتعارضةِ مع الدولةِ .

• قدم “كينث ولتز” في كتابهِ “نظريةُ السياسةِ الدولية” _ النظريةُ الواقعيةُ الجديدةُ أو “النظريةُ البنيوية”_ حيثُ قدمتْ بناءَ النسقِ يكونُ من خلالِ قوةِ الدولِ فيتكونُ من دولٍ كبرى ذاتِ تأثيرٍ في البيئةِ الدوليةِ ودولٍ كبرى تابعةٓ لا تستطيعُ أن تؤثرَ في البيئةِ الدوليةِ ودولٍ ناشئةٍ تتأثرُ بالدولِ الكبرى ولا تستطيعُ أن ثؤثرَ في البيئةِ الدوليةِ وهي دولُ مسرحٍ استراتيحيٍ للدولِ الكبرى_ كما قدمَ “والتز” أن الدولَ الكبرى لها استراتيجيةٌ سياسيةٌ خاصةٌ بها تتعاملُ بناءً على قوتِها وامكانياتهِا _ كما ان الدولَ الناشئةَ لها استراتيجيةٌ سياسيةٌ في كيفيةِ التكيفِ مع الدولِ الكبرى_ كما قدمَ “ولتز” كيف تستطيعُ الدولُ الناشئةُ التصديَ لضغوطِ الدولِ الكبرى، وذلك عن طريقِ بناءِ مجتمعٍ يكونُ قادراً ببنيانهِ أن يمتصَ ويتكيفَ مع الضغوطِ التي تفرضُها الدولُ الكبرى، ولكن هذا البناءَ يعتمدُ على معرفةِ وإداركِ الفردِ بتحدياتِ الدولِ الناشئةِ والتعرفِ على الضغوطِ التي تمارسُها الدولُ الكبرى، هذا البناءُ يكونُ عن طريقِ بناءِ الهويةِ الوطنيةِ _ ذلك البنيانُ يكونُ من خلالِ بناءِ هويةٍ وطنيةٍ قادرةٍ على الاعتمادِ على الذاتِ المتاحِ ورفضِ ما هو خارجٌ عن الدولةِ ومتداولٍ لدى الدولِ الكبرى _ ذلك هي الهويةُ الوطنيةُ .

• لقد قدمَ العالمُ “جبريل ألموند” في كتابه “الثقافة المدنية”_ على الفردِ أن يدركَ تماماً بكلِ التحدياتِ التي تواجههُا الدولةُ وينقلُ هذه المعرفةَ لكافةِ أطيافِ المجتمعِ ليكونَ لدى المجتمعِ درايةً كاملةً بتحدياتِ الدولةِ مع العلمِ المسبقِ بالإمكانياتِ المتاحةِ للدولةِ ومعرفةِ كيفيةِ تعظيمِ تلك الإمكانياتِ بالمقدرةِ الفكريةِ والبشرية للمجتمع _ حتى يستطيعَ المجتمعُ ليكونَ هويةً وطنيةً مدركةً للإمكانياتِ البشريةِ والماديةِ للدولةِ مما يؤديِ الى الوصولِ الى حلولٍ تتناسبُ مع قدرةِ المجتمعِ بتحملِ تكلفةِ القرارِ التي تنفذِ تلك الحلولَ التي تكون هدفاً للتنميةِ والإنماءِ الذاتيِ للدولةِ، تلك هي صفاتُ الهويةِ الوطنية والتي يفتقدُها الفردُ ولا يسعىَ المجتمعُ المصريُ الى تحقيقهِا .

• كما قدمَ المفكرُ ” كار بوبر” في أكثرَ من كتابٍ وخاصةً كتابَه “المجتمعُ المفتوحُ وأعداؤه” _ ويخصُ في كتابهِ أن الدولَ الناشئةَ والمنغمسةَ بالعولمةَ معرضةٌ للاختراقِ في محوِ هويتهِم من أجلِ السيطرةِ على ثرواتِهم مستغلينَ الجهلَ وفقدانَ الثقافةِ والهويةِ للوصولِ الى مصالحهِم عن طريقِ سلبِ ثرواتِ الدولِ الجاهلةِ التي بلا هويةٍ _ فيقول “كار بوبر” إذا أردتَ أن تقتلَ دولةً فأنزعْ منها هويتهَا _ فإن الهويةَ هي قلبُ الدولةِ”_ كما يقولُ بوبر “ إن حريةَ الدولةِ هي واهبةُ حريةِ الفرد” _ وأن من يحميِ الدولةَ من الداخلِ هي الهويةُ الوطنيةُ ومنها تستمدُ الدولةُ حريتهَا وقوتهَا وقدرتهَا على التصدي لكلِ التحدياتِ الدوليةِ والداخليةِ، تلك هي مميزاتُ الهويةِ الوطنيةِ المفتقدةُ لدى المجتمعِ المصريِ .

• وأخيراً _ يقدمُ “على حمدان” في كتابه “الهويةُ والتنميةُ” أن الهويةَ الوطنيةَ هي القادرةُ على بناءِ التنميةِ المتوافقِ عليها أفرادُها _ وان الهويةَ الوطنيةَ هي القادرةُ على بناءِ الحضارةِ _ وذلك من خلالِ الولاءِ والانتماءِ للدولةِ، فتكونُ مصلحةُ الفردِ من خلالِ مصلحةِ الدولةِ، ذلك ما تقدمهُ الهويةُ الوطنيةُ، ترتقي بالفردِ وبتراجعِ الذاتيةِ و تتعاظمُ فيه روحُ الدولةِ، فيضعُ أهدافَه ومصالحَه من خلالِ بناءِ الدولةِ وتعظيمِ قدراتهِا وقوتهِا؛ لذا فإن الهويةَ الوطنيةَ التي تتكونُ من خلالِ إرادةِ الأفرادِ هي صانعةُ الهويةِ الوطنيةِ التي تكونُ قادرةً على بناءِ حضارةِ الدولِ.

تلخيصاً لما سبقَ:

أن الفردَ من يصنعُ الدولةَ وهو اللبنةُ الأولى في المجتمعِ وهو المحركُ الرئيسيُ للدولةِ.

أن الفردَ هو من يضعُ الأفرادَ التي تديرُ الدولةَ وأن الفردَ هو واضعُ القوانينِ الحاكمةِ.

إن ثقافةَ الفردِ وهويتَة هي المحددةُ لهويةِ الدولةِ _ وأن الفردَ هو صانعُ الهويةِ الوطنيةِ.

أن الهويةَ الوطنيةَ هي القادرةُ على بناءِ الحضارةِ كما أنها القادرةُ على التصديِ للتحدياتِ الدوليةِ والداخليةِ .

إن الجمهوريةَ الجديدةَ تعاني من الأزماتِ الدوليةِ التي تفرضُها البيئةُ الدوليةُ والإقليميةُ، حيث تسعى الدول الكبرى لفرضِ نفوذِها على مصرَ لاستغلالِ موقعِها ومواردِها الاقتصاديةِ، وإن تلكَ الأزماتِ الدوليةَ دفعتْ مصرَ الى أزمةٍ اقتصاديةٍ وتضخمٍ وتراجع في التنميةِ.

كما أن الجمهوريةَ الجديدةَ تعاني أيضا من أزمةِ الهويةِ الوطنيةِ التي يرتكزُ عليها صانعُ القرارِ في التصديِ للضغوطِ المفروضةِ على الدولةِ، تلك الهويةُ التي تحررُ الدولةَ من قيودٍ اقتصاديةٍ يمكنُ للفردِ أن يستغنيَ عنها في سبيلِ الوطنِ، وذلك يكونُ بثقافةِ الفردِ وإدراكهِ للضغوطِ التي تمارسُ على دولتهِ، وعن طريقِ تغيرِ رغباتهِ مع ما يتناسبُ مع الدولةِ في الاعتمادِ على الذاتِ حتى وإن كان قليلاً الآنَ، ولكن مع بناءِ الهُويةِ الوطنيةِ يستطيعُ الفردُ أن يحققَ طموحاتِه وأحلامهِ عن طريقِ بناءِ قوةِ الدولةِ الذاتيةِ القادرةِ على التصديِ للضغوطِ الدوليةِ.

إن الذي يحمي الجمهوريةَ الجديدةَ هي بناءُ الهُويةِ الوطنيةِ المصريةِ من خلالِ معرفةِ وإدراكِ وثقافةِ الفردِ ليكونَ مجتمعاً مترابطاً فكرياً ومبدعاً تنفيذياً.