أيمن سلامة: انتهاك الحصانة الدولية.. هجوم حزب الله على قوة اليونيفيل وتداعياته القانونية
![النهار نيوز](https://www.alnahar.news/img/25/02/14/73973.jpg)
![](https://www.alnahar.news/ix/GfX/logo.png)
في تطور خطير ينذر بعواقب جسيمة على الاستقرار في لبنان والمنطقة، تعرض موكب تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لهجوم مسلح يوم الجمعة، 14 فبراير، أدى إلى إصابة أحد أفرادها. هذا الاعتداء يشكل انتهاكًا صارخًا للحصانة التي تتمتع بها قوات حفظ السلام بموجب القانون الدولي، ويطرح تساؤلات جوهرية حول التبعات القانونية لهذا الفعل العدواني، خصوصًا في ظل التوترات المستمرة التي تعصف بالبلاد.
الإطار القانوني لحماية قوات الأمم المتحدة
تخضع قوات حفظ السلام لحماية قانونية خاصة وفقًا لاتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لعام 1946، والتي تمنحها الحصانة من أي شكل من أشكال التعرض أو الاعتداء أثناء أداء مهامها. كما تؤكد اتفاقية اتفاق القوات (SOFA) الموقعة بين الأمم المتحدة والدولة المضيفة على ضرورة احترام حرية حركة هذه القوات، ومنع أي تدخل يعوق مهامها. وبالتالي، فإن استهداف عناصر اليونيفيل يمثل خرقًا واضحًا لهذه الاتفاقيات ويستوجب محاسبة الجهة المسؤولة أمام الهيئات الدولية المختصة.
المسؤولية القانونية لحزب الله
يُعتبر أي اعتداء على قوات الأمم المتحدة جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى كونه "جريمة حرب" وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما أن هذا الفعل قد يُدرج تحت بند "تهديد السلم والأمن الدوليين"، ما يمنح مجلس الأمن صلاحية اتخاذ إجراءات صارمة، قد تشمل فرض عقوبات أو اتخاذ تدابير ردعية أخرى بحق الجهات المسؤولة.
إضافة إلى ذلك، يُعَدُّ حزب الله طرفًا غير حكومي، مما يعني أن تصرفاته تخضع للمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تحظر الهجمات ضد الأشخاص غير المشاركين في النزاع المسلح، بما في ذلك قوات حفظ السلام. كما أن الأمم المتحدة سبق أن حملت الجماعة المسلحة مسؤولية عرقلة عمل اليونيفيل، الأمر الذي يُعزز الأساس القانوني لمساءلة قادتها.
التداعيات المحتملة على لبنان
يمر لبنان بمرحلة حساسة عقب أزمة سياسية ودستورية طالت لسنوات، وأي تصعيد جديد قد يدفع بالبلاد نحو مزيد من الفوضى. إن التعدي على القوات الدولية لا يشكل فقط خطرًا أمنيًا، بل يهدد العلاقات الدبلوماسية مع المجتمع الدولي، وقد يؤدي إلى فرض عقوبات دولية أو تقليص الدعم الدولي للبنان في ظل أزمته الاقتصادية الخانقة.
هل نسي حزب الله أحداث عين الرمانة؟
إن الاستهتار بالشرعية الدولية واستمراء العنف يُعيد للأذهان أحداث عين الرمانة في أبريل 1975، التي كانت الشرارة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية. فالتاريخ يؤكد أن التورط في أعمال العنف غير المنضبطة يؤدي إلى نتائج كارثية لا تُحمد عقباها. على الفاعلين في المشهد اللبناني استيعاب دروس الماضي جيدًا، لأن من يلعب بالنار لا يسلم من لهيبها.
إن الاعتداء على قوة اليونيفيل ليس مجرد حادثة معزولة، بل هو تحدٍّ صريح للقانون الدولي وتهديد خطير للاستقرار اللبناني. بات من الضروري على السلطات اللبنانية التحرك الفوري لمحاسبة المسؤولين عن هذا الاعتداء، وضمان احترام التزامات لبنان الدولية، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.