الأربعاء 5 فبراير 2025 11:44 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : الفيلم ”، صناعة قنائية بنسبة 80 في المائة ‫ تأشيرة صفوت البططي كانت ”تأشيرة”مرور … الطوق والاسورة” ‬

النهار نيوز

‫(. قبل ان ينتهي المخرج الرائع خيري بشارة من فيلمه الطوق والاسورة الذي قامت ببطولته شريهان وشاركها فيها فردوس عبدالحميد وعزت العلايلي ومحمد منير واحمد عبالعزيز واحمد بدير وعبدالله محمود وعرض في دور السينما في العام 1986 اتصل بمستشاره للتراث والتاريخ القنائي وللهجة القنائية لهذا الفيلم الشاعر الكبير المغفور له بإذن الله صفوت البططي لمشاهدة مشاهد الفيلم قبل عمل الموتتاج النهائي للاطمئنان على ان كل شيء على مايرام(فكانت هذه الصورة).‬

‫(. وفيلم الطوق والاسورة له معنا ذكريات لا تعد ولا تحصى، حيث خضع عدد كبير من اعضاء فرقتي المسرح والفنون الشعبية في محافظة قنا لاختبارات من مخرج الفيلم خيري بشارة في مقر قصر ثقافة قنا القديم امام كافتيريا المنتزه لاختيار اصطاف الفيلم بعيدا عن القاهرة لحرصه الشديد على ان يكون الفيلم قنائي الصبغة والملامح والابطال واللهجة لكون مؤلف الفيلم الاديب يحي الطاهر عبدالله الذي أعتبره الكثيرون شاعر القصة القصيرة ويعد من أبرز أدباء الستينات ووصفه الدكتور يوسف ادريس ذات يوما بانه امل "القصة العربية رائعة الحبكة وقوية المضمون" من قنا ، وكاتب الحوار الشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي من قنا ‬

‫(. ووجد خيري بشارة ضالته في رحاب محافظة قنا وسيذكر تاريخ السينما العربية بكل فخر ان فيلم "الطوق والاسورة" الذي يعد واحد من اهم الاعمال التي قدمت على الشاشة الذهبية ، صناعة قنائية بنسبة 80 في المائة ،

حيث اختار المخرج خيري بشارة عدد من ابناء قنا وهم : صفوت لبيب البططي مستشارا له للتراث والتاريخ واستعان بالشاعر مبارك للنطق باللهجة القنائية البحتة وانتقى بعض من الحان الموسيقى التصويرية والاغان الفلكلورية المصاحبة لاحداث الفيلم من الحان المرحوم المبدع عبدة اسماعيل ،و قام بدور ساعي البريد المخرج والممثل في فرقة قنا المسرحية المرحوم سمير عبداللطيف ولعب دور الشيخ فاضل المرحوم محمد نصر ياسين مدير قصر ثقافة قنا حينذاك

(. ومن محاسن الصدف ان اثنين من نجوم الفيلم من ابناء قنا وهما الممثل الكبير احمد بدير "صاحب البقالة" من مواليد قنا 20 يونيو 1945، وعبدالله محمود"سعد ابن الحدادة" من اصول قنائية .‬

‫(. ومن كواليس فيلم الطوق والاسورة" ان المرشح الاول للعب دور "صابر افندي" كان الفنان المتميز المغفور له بإذن الله عزت حته ، كما اختار المخرج خيري بشارة لدور"يوسف سليم الجزار" الفنان القدير المرحوم بإذ الله عز العرب الديري وأنا لدور صديق "محمد افندي والذي جسده الممثل حسن العدل ، وقد اجتزنا نحن الثلاثة بنجاح كل الاختبارات والتي منها ان يلقي كل واحد منا نكتة ثم ينشد قصيدة باللهجة القنائية .

(. و اخترنا نحن الثلاثة من دون اتفاق قصائد عبدالرحمن الابنودي رغم المقابلات كانت كل واحد على حدى ، ثم طلب المخرج من كل واحد منا ان يحكي حدوتة عن ابرز المواقف التي وقعت في حياتنا سواء مفرحة او حزينة ، انا لم اكمل لاني كان لازم اعود الي الكويت لانتهاء اجازتي الصيفية رغم اصرار خيري بشارة على ضرورة البقاء حتى انه اخذنا انا وصفوت لبيب اكثر من مرة الي اماكن التصوير في قرية الكرنك في الاقصر ، ولا اعرف الي الان لماذا تم استبعاد عزت حته وعز العرب رغم اعجاب المخرج الشديد بهما وايمانه الكبير بموهبتهما .‬

‫(. ورواية «الطوق والأسورة»، أكثر أعمال " يحيى الطاهر عبد الله " الأدبية بروزًا وشهرة، وكانت أصلًا مجموعة من القصص القصيرة ثم جُمعت لتشكل رواية مهمة، تمكنت من وضع قارئها في مجتمع يشبه حوض السمك، حيث تلتقي الأعراف والتقاليد، والضغائن العائلية، والعواطف والمشاعر الإنسانية الأساسية، وتتفاعل كلها لتصبح جزءًا من الرواية

(. وتميز يحي الطاهر عبدالله في هذا العمل بعبقرية الابداع فى الوصف , من خلال لغة شاعرية حزينة مشبعة بالطابع التراثى المصرى الجميل ، حيث أخذنا ابن قرى قنا الى عالمه الخاص, في النصف الأول من القرن الماضي, حيث الفقر و المرض و الجهل و الخرافة يقومون بدورهم على أكمل وجه, اعتقد ان تسمية الطوق و الأسورة ترجع لسيطرة العادات و التقاليد القديمة و شيوع الخرافة حتى وصل الحال بها الى أن أصبحت قيود حول عنق و أيدي الناس.‬

‫(. ورمزية العنوان «الطوق والإسورة» تتجلّى واضحة في الفيلم، وتعني أن الإنسان ما انفكّ مكبّلاً بالأصفاد والأطواق وخاضعاً لمشيئات قاهرة وليس بإمكانه التحرر منها.ليس ثمّة شيء يتبدّل أو يتطوّر، فالجهل مقيم والاعتقاد بأهل الكرامات هو العرف السائد. والناس تواجه أقدارها ومصائرها باستسلام كلّي، وكأنّ ذلك الزمن أقام فيها ولم يغادرها، وربّما نام في محافظة قنا فاسحاً المجال للكهنة والعرّافين أن يتوارثوا مهمّة تجهيل وتضليل هذا المجتمع، كي يبقى خاضعاً وجاهلاً ومنكسراً أبداً‬

‫(. وتدور احداث الفيلم في احدى قرى محافظة قنا في العام 1933 ، حيث تعيش حزينة"فردوس عبدالحميد" مع زوجها بخيت البشارى المشلول والمصاب بالسل. وابنتهما فهيمة، تأمل أن يعود ابنها مصطفى "عزت العلايلي" الغائب والذى نزح إلى السودان بحثًا عن لقمة العيش. يتزوج الحداد الجبالى من فهيمة بعد وفاة أبيها، ولأنه عاجز جنسيًا فإنها تتأخر فى الإنجاب فتلجأ أمها إلى المعبد ليباركها الشيخ هارون

(. ويختلط الإيمان بالفساد، ويأتى الحل على يد حارس المعبد نفسه، وتنجب المولودة فرحانة " شريهان التى لا يعترف بها الأب لعلمه بعجزه جنسيًا، تمرض فهيمه وتموت لعلاجها بشكل بدائى،

(. تمر السنون وتسعى فرحانة الحفيدة مع جدتها حزينة لكسب قوتها. تحمل فرحانة سفاحا. يعود خالها مصطفى بعد سفره الطويل ويحاول تغيير مفاهيم أهل القرية دون جدوى. تموت فرحانة قتيلة على يد ابن عمتها.‬

‫(. والفيلم دائما يستحق المشاهدة لانه صنع بمزيج مشبع باللون والموسيقى والشاعرية الأخّاذةا واهتم بالتفاصيل سواء للبيت وعفشه وميكب وازياء الممثلين حيث عاش الفيلم زمان ومكان الاحداث بحرفية مما ساعد على توصيل الفكرة بدقة بما يرتقي إلى مصاف السينما العالمية لكونه ناقش العديد من القضايا الاجتماعية ومنها الجهل الذي يصل الي مرحلة انتهاك أدمية الانسان لانه يصل لمرحلة يفعل فيها اشياء بدون معرفته لسبب فعلها مع وجود رمز يتبعونه بلا وعى ، و قدسية العادات والتقاليد التي تكون احيانا عند الجهلاء اكثر من الدين

(. ولفت الفيلم النظر الى قضية التحرش الجنسى من خلال شخصية عبدالله محمود ف الفيلم الذى منذ ان كان طفلا كان يتحرش بفهيمة ف الطاحونة وعندما كبر تحرش بفرحانة .وانتقد بشدة شخصية مصطفى الذى استغرب من عدم تغير البلد والبيت رغم سفره 20 سنه مع انه هو شخصيا لم يتغير حيث تعامل مع مشكلة بنت اخته بنفس الطريقة التى كان ليتعامل بها لو انه لم يغادر القرية اصلا .‬

‫(. يبدأ الفيلم مع كادر ثابت لطيور على سطح النيل ومع موسيقى بالطابع الجنائزي كمدخل لغناء أو دندنة الجميلة فهيمة "شريهان" بنت حزينة "فردوس عبدالحميد"وبخيت البشاري " عزت العلايلي" والبنت ، واقعة بين أم هي كتلة من الحزن كإسمها، وأب كتلة من العجز واللسان اللاذع.فى الفيلم ستجد الرجال تنويعات من العجز ، من بخيت البشاري العاجز بالشلل لزوج فهيمة الحداد العاجز بالفعل حتى البطل والمخلص كما ظنوا مصطفى العائد من الغربة عاجز بالفقر،،

(. وفى ألعاب التعويض النفسي يمارس الأب بخيت السخرية وابنه مصطفى ب"الفشر"عن بطولاته فى الغربة ، واعنفهم الحداد يضرب فهيمة ، يطلقها، ثم يحرق زوجته الجديدة، فى المقابل سنجد الأناث يحاولن الحياة والبحث عن الخصوبة، فلسن جميعا كحزينة الراضية بألألم، الكئيبة التي لا تجيد الفرح،،ففهيمة تحب زوجها الحداد، وحاولت تضميد جراحه بالحب ، وارتضت بالذهاب للمعبد "للتلقيح"من غيره، ارضاء لمجتمعها، ورغم كل محاولاتها طلقت وظلمت، وماتت بحمى النفاس وقد وقع الفقر والجهل وثيقة الموت بيد المعالج الجاهل

فيلم الطوق و الاسورة