الإثنين 27 يناير 2025 06:51 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أشرف ماهر ضلع يكتب: الإسراء والمعراج: رحلة سماوية ومعجزة خالدة

النهار نيوز

يظلُّ الإسراء والمعراج واحدةً من أعظم المعجزات التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رحلةً إلهيةً تحمل أسمى المعاني والدلالات، وتُرسِّخ في النفوس العقيدة والإيمان العميق بعظمة الخالق وحكمته.

الرحلة المباركة

وقعت حادثة الإسراء والمعراج في مرحلة شديدة الحساسية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد سنواتٍ من الدعوة التي قابلها قريش بالكفر والتكذيب. جاء الإسراء ليكون تسليةً وتكريماً من الله لنبيه. يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَىٰ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء: 1).

بدأت الرحلة بالإسراء، حيث انتقل النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى على دابة البراق برفقة جبريل عليه السلام، ثم صعد إلى السماوات السبع في رحلة المعراج التي انتهت بلقاء الله سبحانه وتعالى. هناك، فُرضت الصلاة على الأمة الإسلامية لتكون صلةً بين العبد وربّه.

دلالات الإسراء والمعراج

هذه الرحلة ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رمزٌ لقوة الإيمان والصبر على البلاء. ففيها رسالةٌ بأن مع العسر يسراً، وأن الله لا يترك عباده الصالحين دون عناية ورعاية. كما أنها تأكيدٌ على قدسية المسجد الأقصى، الذي كان القبلة الأولى للمسلمين.

شهادة الحديث الشريف

في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتيت بالبراق - وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل - يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحَلَقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين...".

في عيون الشعراء

أبدع الشعراء في وصف الإسراء والمعراج برؤية روحانية عميقة، حيث قال البوصيري في بردته:
"سَرَتْ مِنَ الْحَرَمِ اللَّيْلاً إِلَى حَرَمٍ ** كَمَا سَرَى الْبَدْرُ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ
وَبَاتَ يَرْقَى إِلَى أَنْ نَالَ مُنْتَهَـهُ ** مِنْ قُرْبِ مَوْلاَكَ مَا أَوْصَـافُهُ كَلِـمِ"

دروس مستفادة

الصلاة عمود الدين: كانت الصلاة الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء، مما يدل على عظمتها.

اليقين بالله: تُعلّمنا هذه الرحلة أن نؤمن بعظمة الله وحكمته، حتى لو لم تدرك عقولنا كل شيء.

الوحدة الإسلامية: المسجد الأقصى رمزٌ يجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض، ويحثهم على التمسك بقضاياهم المقدسة.

خاتمة

الإسراء والمعراج ليست مجرد قصة تُروى، بل هي رحلةٌ إيمانية توقظ الأرواح وتغذّي القلوب، تذكرنا دائماً أن الله قريبٌ من عباده، وأن المحن تسبق المنح، كما قال تعالى:
{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (البقرة: 216).