الإثنين 27 يناير 2025 07:14 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. الجندي شاكر يكتب : أعياد الشرطة المصرية .... حماية الأوطان بين معركة الصمود، ومجابهة ثورة المعلومات

النهار نيوز

في تلك الذكرى التي تتجدد فيها قيم التضحية والبطولة، منذ معركة الإسماعيلية المجيدة عام ١٩٥٢م والتي انتصرت فيها الشرطة المصرية، من رجال الأمن والشرطة المرابطين، لإرادة الشعب المصري والتي راح ضحيتها خمسون شهيدا ارتوت بهم أرض الوطن؛ ليبكون عدوهم حسرة، ويسعون للنصر سعي من ظمأ لسنوات، ومبتغاه من الحياة شَربة ماء، يُحركهم في أرض المعارك نيران حبهم لوطنهم، وليكبدوا عدوهم أقصى الخسائر،
وقد أصيب ثمانون جريحًا من رجال الشرطة، ممن مروا بأصعب الظروف؛ لتظل هذه الموقعة ذكرى شاهدة على البطولة المصرية.
وفي الوقت الذي تكافح فيه الشرطة المصرية في معركة اقتصادية يقفون فيها سندا لوطنهم، تحت قيادة واعية رشيدة بصمت وصمود يستحق الاحترام من رجال الأمن المرابطين في أصعب الظروف، ويثبتوا فشل نظريات سقطت بها دول فجأة؛ تأتِ الحاجة الملحة لأهمية إلقاء الضوء على هذه المهمة الصعبة، التي تستدعي العمل وفق متغيرات العصر، وما تنتجه التقنية الحديثة، والذكاء الاصطناعي، من: اختراعات، وأجهزة، ووسائل مما يتطلب منهم العمل الشاق والدائم بلا توقف ووفق تلك المتغيرات، وليس بمجرد الاكتفاء برصدها؛ بل والعمل لما هو أحدث والتنبؤ به، مهمة صعبة خاصة في بلد بحجم مصر، وبحدود مثل حدودها ...
الشرطة هي جيش الأمن الداخلي، التي تحفظ الأمن والنظام، وتنفذ أحكام القضاء؛ لتكفل للناس أمنهم على أنفسهم، وحفظ مالهم وعرضهم، فالوطن المستقر يستلزم بيئة آمنة وأرض ثابتة.

عليك أن تعرف من أنت؛ ولتعرف ذلك عليك أن تخوض جولة للماضي؛ لتنهل منه ما شاء لك أن تنهل من: فخر أنك ابن هذه الأرض الطيبة، منذ أن كانت الشرطة في الديار المصرية من أهم وظائف الدولة، وكان صاحبها من ينوب عن الوالي في الصلاة، وتوزيع العطايا، وكان مقر الشرطة في مصر ملاصقا لجامع العسكر،
ونحافظ على حاضرنا؛ لأنه كان حلم الأمس، بعد أن حاولوا إضعاف مصر بدعاوٍ مختلفة، ومغرضة ليس لها هدف سوى التفكك والضعف؛ لكنها دائما وأبدا صامدة، ولنستعد بعلم وعمل وامل لنستشرف المستقبل بعقول واقعية، وإرادة ثابتة، وفهم، ومعرفة لمتغيرات العصر.

إن التماسك والوقوف جنبا إلى جنب مع الأوطان، وتغليب المصلحة العامة مع الإصلاح الداخلي دون تفكك أمر واجب، ولأن الشخصية المصرية عربية تحتفظ ضمن اللاشعور بالماضي السحيق؛ فتحدد لنا الكثير من: سلوكنا، وقيمنا، وآدابنا الاجتماعية، فهي تتكامل مع كل مؤسسات المجتمع مهما كانت الظروف والتحديات، وإن كنا جادين في إصلاح المجتمع يجب أن نوضح القيمة الحقيقية للعناصر التاريخية، بالتحليل؛ حتى يتضح الأمر في جلاء وتميز؛ فنستبقي الصالح ونستبعد ما لم نعد بحاجة إليه.

هذه هي مصر التي تجمع بين الأضداد والمتناقضات، وهي سيدة الحلول الوسطى.
أقروا التاريخ يا سادة فمن لا يعرف مصر؛ فليقرأ عنها أولا، هي الشموخ، والعزة، والكبرياء رغم تلك السنين المرهقة، هي شعب لديه موروث ثقافي، وقيم خلقية تحميه من أية مشاكل اقتصادية، وهي ثوابت مرجعية ومعايير تحكم سلوكه، المصريون بحق مسلمين ومسيحيين يحاربون أهواءهم طاعة لوطنهم، وحفاظا على أمنه وأمانه، يعرفون أوجه القصور؛ ولكنهم يغلبون المصلحة العامة، ويعلمون جيدا حرص قيادتهم الواعية على تماسك الأوطان، وفي هذه المناسبة التي يصادف فيها عيد شرطة مصر ال ٧٣ وهذا الرقم الذي يحبه المصريون؛ لارتباطه بحرب أكتوبر المجيدة، نتعلم قبل أن نتسرع في الحكم لنكون سندا لوطننا وقت الشدائد ولا نترك أدوات العصر تهدر الطاقات في عصر العلم، وتلبسه أوهام الجاهلية ثياباً تبدو وكأنها علمية،
بل ندفع ونشجع من همهم امننا من مسايرة التغيرات، واستشراف كل جديد لحفظ أمننا.
كانت مبادرة بداية هي البداية لترسيخ القيم، والثقافة والأنساق المُجتمعية؛ لتحمي وتضم المُتناثر من طاقات، ومهارات، وإبداعات دثرتها المشتتات، خاصة مع وجود حب التدين والانتماء، فكما قالوا داخل كل مصري أعمدة سبعة تبدأ بالانتماءات، وأهمها: الدين، والوطن والانتماء.
في ظل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، يمكن أن يصبح عيد الشرطة من المناسبات الوطنية لتعظيم البطولات، وفرصة لعرض مستجدات التكنولوجيا واستخدامها في تعزيز وعي الشباب والنشء، ودعم دورهم في بناء وطن آمن ومزدهر. التكنولوجيا هي لغة العصر، وعندما تُدمج مع القيم الوطنية، تُصبح أداة قوية لتنشئة جيل واعٍ ومبتكر.

..........................

رئيس قسم العمارة - كلية الهندسة- جامعة الأزهر