الخميس 28 نوفمبر 2024 05:40 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

قصة قصيرة

د. تامر عزت يكتب: فصول لا بد أن تنتهي

الكاتب تامر عزت
الكاتب تامر عزت

أنا لا أنام..بل أنتقل من حياة إلى حياة أخرى أو بمعنى أكثر دقة ..أنتقل من الوعي إلى وعي آخر بالروح فقط ..بالفعل لا أنام..لا أشعر بتلك الراحة العقلية ولا الذهنية ، الجسد فقط هو من يسكن كالموتى ، أما أنا ..يوميا أنتقل إلى عوالم أخرى..عوالم غير منطقية الترتيب ولا الأحداث..سأخبرك بأمر غريب حدث لي في عدة أحلام.. لنفترض انها فصول.. فصول بين العالم الضبابي وعالم الواقع.. اختلط الأمر و… عفوا.. بدلا من هذا السرد المزعج سأحكي.

رأيت رسالتها عبر الفيس بوك.. معقول ! هل هي ( س ) ؟.. انها تسأل عنّي.. كيف بعد كل هذه السنوات وأجمل الذكريات.. تلوح في الأفق أجمل شريط سينمائي متقطع المشاهد.. يوم رأيتها.. يوم احببتها.. يوم صارحتها بما أحمله لها من مشاعر.. ولحظة سقوط حصني المنيع برفضها لي.. توالت الأحزان وتراكمت فوق قلبي حتى صار كالقِدر المكتوم .. زارتني كثيرا في أحلامي.. ولكن كان آخر حُلم له معنى مختلف.

لقد تزوجت وأنجبت رغما عنها.. كانت لا تريد الزواج ولا الأطفال.. انها كالفراشة المنطلقة في كل بساتين الدنيا..تجوب البلاد شرقا وغربا..شمالا وجنوبا.. لماذا تريدون سجنها في مربع زجاجي شفاف.. ترونها من الخارج تسر الناظرين ولكنها في الواقع هي أسيرة الاحزان!
***
رأيتني في الحلم أنني كنت أسير في شارع طويل.. تهطل الأمطار بشكل مفاجئ.. رياح واعاصير.. سيول.. ليس مائيه.. سيول طينية..و رأيتها من بعيد.. بنفس الفستان الازرق التي كانت ترتديه يوم رأيتها و أحببتها في نفس الوقت.
***
تحدثنا كثيرا عبر الدردشه.. قمنا بتحميل وسيلة اتصال خاصة بنا وحدنا.. وكأننا نريد أن نبتعد عن العالم المحيط بنا وفي نفس الوقت نحن داخله.. سنوات من الحرمان العاطفي وجفاف المشاعر مع زوجها.. سافرت معه إحدى دول الخليج.. ازدادت غربة وجحيما.. وبحث في العالم الافتراضي عن الماضي وذكرياته القديمة وكنت من ضمنها..وبعد البحث والتنقيب وجدتني.
***
رأيتها في الحلم تستغيث.. أنا في مكان بعيد عنها.. على الجانب الآخر من الطريق وبيننا سيول طينية وأمطار رعدية وعواصف تعصف برؤيتنا .. لم تراني.. كانت في حالة ذعر وهلع والخوف يحيط بها من كل جانب.. دققت النظر.. وجدت أن ليس هناك أمل في النجاة.
***
انت قلبي،فلا تخف
وأجب هل تحبها
وإلى الآن لم يزل
نابضاً فيك حبها..
***
لماذا عادت؟ لماذا تركتني؟ ماذا تريد مني؟ أهو الحنين إلى الماضي؟ تتساقط الأسئلة كالمطر المنهمر في الحلم..إلى آخر قطرة في جوفها سؤال وبعد؟
**
حملت في نبرات صوتها الذي كنت ولازلت احب أن أسمعه خبر انها في طريقها إلى طلب الطلاق.. لماذا؟ زوجها علم بما فعلته!
كانت تحمل في رحمها جنينا عمره اسابيع وأجهضت نفسها وأخفت عليه هذا الحدث.. لم يتحمل زوجها بعد أن علم أثناء الشجار بينهما وكشفت عن خطتها..
انها لا تريده ولا تريد اولاده ولا تريد الحياة في الغربة وتحلم بالزواج الثاني!

أين يأسي؟.لقد مضى
ومضت مثله المنى
فحياتي كما ترى
لا ظلام ولا سنا
كل ما كان لم يكن
وأنا لم اعد أنا
أنا في الظل أصطلي
لفحة النار والهجير
وضميري يشدني
لهوى ماله ضمير
وإلى أين؟لا تسل
فأنا أجهل المصير
***
وقفت على بُعد أمتار منها.. السيول الطينية تسري في عجلة من أمرها.. غامرت.. ساقتني قدماي إليها.. تجاهها..قاومت الرياح و الأمطار والوحل من أجلها.. رأتني فاستبشرت وملامحها بين الضحك والدموع مزيج مدهش من الفرحه..وصلت إليها وكانت قد فقدت الأمل في النجاة..حملتها بين ذراعي.. وسرت بها أقاوم كل أعدائي من الطبيعه.. نعم.. صاروا ألد أعدائي الآن.. حاربت من أجلها.. خاطرت بحياتي.. المهم أن تنجو.. والمدهش.. أننا نجونا.. لم أكن أعلم أن هناك من ينتظرها!
***
ألقت بمشاعرها خلف ظهرها..تركت أطفالها وزوجها وكل شيء وهرعت وراء السراب وإجابة السؤال الحائر
هل تبحث عن زوج آخر؟ وكيف؟ وأين؟ ومتى؟
علمت بعدها بكل شيء.. وبختها وكان لابد لهذه الفصول السخيفة أن تنتهي .. وانتهت بإجابة منّي على سؤالها الحائر : هل تتزوجني؟
***
لقد عدت إلى الوعي الطبيعي..أتحسس بأطراف أصابعي ذراعي الأيمن..فما زلت أشعر بأثر احتكاك جسدها وتركت أثر أناملها على عنقى وقبل أن أتركها بين ركام الوحل وأثر الطين وغضب الطبيعة والمصير المجهول..
أجبتها بعيوني ومن أعماق قلبي : لا.

تامر/عزت