أيمن سلامة : وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله ..... النقاط الخلافية وآفاق النجاح
النهار نيوزشهد الصراع بين إسرائيل وحزب الله على مدى 13 شهرًا تصعيدًا حادًا تسبب في خسائر بشرية ومادية فادحة، وتوترات إقليمية ودولية. مع الإعلان المحتمل عن اتفاق لوقف إطلاق النار، يُطرح تساؤل جوهري حول مدى قدرة هذا الاتفاق على تحقيق سلام مستدام. يعتمد تحليل هذا الوضع على دراسة النقاط الخلافية الجوهرية بين لبنان وإسرائيل، وديناميكيات الاتفاق، والتحديات أمام نجاحه.
النقاط الخلافية الجوهرية بين لبنان وإسرائيل
1. الحدود والنزاعات الإقليمية
النزاعات الحدودية تمثل أحد أبرز القضايا العالقة. منطقة "الخط الأزرق"، التي رُسمت بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، لطالما كانت مصدر توتر بسبب غياب الترسيم النهائي. إضافة إلى ذلك، تُعد مزارع شبعا وكفرشوبا نقاط خلاف مزمنة، إذ يدعي لبنان أن هذه الأراضي لبنانية، بينما تعتبرها إسرائيل تابعة له.
2. وجود حزب الله وتسليحه
يشكل وجود حزب الله وتسليحه نقطة توتر مستمرة. ترى إسرائيل في حزب الله تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي بسبب ترسانته العسكرية الكبيرة التي تشمل صواريخ دقيقة وبعيدة المدى. في المقابل، يرفض حزب الله التخلي عن سلاحه، معتبرًا أن هذا السلاح ضرورة للدفاع عن لبنان ضد التهديدات الإسرائيلية.
3. الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان
الاتفاق الحالي ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من جنوب لبنان، مع سحب حزب الله أسلحته الثقيلة شمال نهر الليطاني. إلا أن إسرائيل تبدي تخوفًا من أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تمكين حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية في المناطق الحدودية، ما يهدد الأمن الإسرائيلي مستقبلاً.
4. الآلية الإشرافية والمراقبة
تنص الاتفاقية على تشكيل آلية إشراف بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. إلا أن لبنان قد يعترض على مدى حيادية هذه الآلية، بالنظر إلى الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل. كذلك، قد تنشأ خلافات حول تفسير الانتهاكات والرد عليها.
5. الدور الإيراني
إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، تعتبر طرفًا غير مباشر في الصراع. أي تسوية قد تعيد رسم الديناميكيات الإقليمية، ما يثير قلق إسرائيل بشأن استمرار النفوذ الإيراني في لبنان وتأثيره على الوضع الأمني.
ديناميكيات الاتفاق وأبرز عناصره
الاتفاق المقترح يعتمد بشكل كبير على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الصادر عام 2006، الذي وضع إطارًا لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله. ويشمل الاتفاق الحالي:
- انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.
- سحب حزب الله أسلحته الثقيلة شمال الليطاني.
- نشر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في منطقة عازلة على الحدود.
- مرحلة انتقالية تستمر 60 يومًا لمناقشة النزاعات الحدودية.
- آلية إشراف بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة الالتزام بالاتفاق.
التحديات أمام نجاح وقف إطلاق النار
1. غياب الثقة بين الأطراف
لطالما كان غياب الثقة المتبادل بين إسرائيل ولبنان عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق اتفاقات طويلة الأمد. إسرائيل تخشى من استغلال حزب الله للانسحاب لإعادة تعزيز وجوده العسكري، بينما يخشى لبنان من أن تظل إسرائيل تسعى لتحقيق مصالحها بالقوة العسكرية.
2. الدور الأمريكي والتوازن الدولي
على الرغم من أهمية الدور الأمريكي في التوصل إلى الاتفاق، فإنه قد يواجه انتقادات من الجانب اللبناني باعتباره منحازًا لإسرائيل. هذا الانحياز قد يؤثر على قبول الأطراف اللبنانية للاتفاق وآلية المراقبة.
3. تصعيد محتمل في غزة وتأثيره على الاتفاق
الصراع المستمر في غزة يمثل خطرًا كبيرًا على استقرار أي اتفاق بين إسرائيل وحزب الله. إذا استمرت إسرائيل في عملياتها ضد غزة، قد يجد حزب الله ضغوطًا شعبية وسياسية لخرق وقف إطلاق النار تضامنًا مع الفلسطينيين.
4. التأثيرات الإقليمية
يُخشى أن يؤدي الاتفاق إلى تصعيد في التوترات مع إيران أو أن تعمد طهران إلى استخدام نفوذها على حزب الله لتعطيل الاتفاق إذا رأت أنه يهدد مصالحها.
5. الوضع الإنساني في لبنان
بعد 13 شهرًا من الحرب، يعاني لبنان من أزمة إنسانية حادة مع نزوح مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية. نجاح الاتفاق يتطلب معالجة هذه الأزمة وإعادة الإعمار، وهو ما يحتاج إلى دعم دولي كبير، قد يكون مشروطًا بتنازلات سياسية.
آفاق النجاح
نجاح الاتفاق يعتمد على عوامل متعددة:
- التزام الأطراف بتنفيذ البنود.
- الدور الفاعل للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في تأمين الحدود.
- إرادة دولية قوية لضمان تنفيذ الاتفاق.
- تهدئة الصراع في غزة لتقليل احتمالية التصعيد الإقليمي.
رغم التحديات، فإن هناك مؤشرات إيجابية قد تدعم نجاح الاتفاق، مثل قبول إيران للصفقة ورغبة الأطراف في تجنب المزيد من الخسائر. ومع ذلك، يبقى نجاح الاتفاق مرهونًا بقدرة الأطراف على الالتزام وضمان حياد الآليات المشرفة على التنفيذ.