أيمن سلامة : فرص التسوية ووقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل: تحليل معمق
النهار نيوزمقدمة
تشهد العلاقات اللبنانية-الإسرائيلية منذ عقود حالة من التوتر والنزاع الدائم، والتي تجلت في مواجهات عسكرية متكررة وصراعات سياسية مستمرة. وعلى الرغم من غياب معاهدات سلام رسمية تنهي حالة الحرب القائمة بين الدولتين، تبرز بين الحين والآخر فرص للتوصل إلى اتفاقيات مؤقتة مثل وقف إطلاق النار أو ترتيبات تسوية مرحلية. ومع ذلك، يرى كثير من الخبراء والمحللين أن مثل هذه الاتفاقيات، على الرغم من أهميتها الجزئية، تظل عاجزة عن تحقيق سلام دائم وشامل.
الواقع الحالي
وفقاً لما نقلته "القناة 12" الإسرائيلية، يبدو أن هناك تقدماً ملموساً في مسار التوصل إلى تسوية بين لبنان وإسرائيل، مع التأكيد على أن هذه التسوية قد تتم قريباً إذا لم تحدث مفاجآت غير متوقعة. التصريحات التي أدلى بها مسؤول إسرائيلي تشير إلى وجود توجه إيجابي لتحقيق نوع من الاستقرار على الجبهة الشمالية، وهو ما يعد تطوراً مهماً في ظل الظروف الأمنية المعقدة التي تمر بها المنطقة.
تحليل موقف الخبراء والمحللين
يرى الخبراء الأمنيون الإسرائيليون أن هذه المرحلة تمثل فرصة ذهبية لإتمام اتفاق يحقق تهدئة طويلة الأمد مع لبنان. ويرون أن استغلال هذه الفرصة قد يفصل بين الجبهة الشمالية والجبهة الجنوبية في أي حرب محتملة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها إسرائيل على عدة جبهات منذ أكثر من 15 شهراً. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن التهدئة دون معاهدة سلام شاملة تظل غير كافية لتحقيق الأمن والاستقرار.
الاتفاقيات المؤقتة: حلول أم استراتيجيات مرحلية؟
تشير التجارب السابقة إلى أن الاتفاقيات المؤقتة، مثل الهدنة أو وقف إطلاق النار، غالباً ما تكون حلولاً وقتية تهدف إلى تخفيف التوترات والحد من التصعيد العسكري. ومع ذلك، فإن غياب اتفاقيات دائمة يؤدي إلى استمرار حالة العداء واستمرار احتمالية اندلاع مواجهات جديدة. يرى البعض أن هذه الاتفاقيات ليست أكثر من "ذر للرماد في العيون"، حيث تمنح وهم الاستقرار دون معالجة جذور الصراع الأساسية.
معضلة السلام الدائم
إن المشكلة الرئيسية في العلاقة اللبنانية-الإسرائيلية تكمن في غياب إطار شامل ينهي حالة الحرب القائمة بين الدولتين. معاهدة سلام شاملة يمكن أن تؤدي إلى تطبيع العلاقات، وفتح آفاق جديدة للتعاون والتنمية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، فإن التحديات السياسية والأمنية، فضلاً عن العقبات التاريخية والأيديولوجية، تجعل تحقيق مثل هذا السلام أمراً بالغ الصعوبة.
أهمية التسوية الحالية
رغم أن الاتفاقيات المؤقتة لا تُغني عن معاهدات السلام الشاملة، فإن التوصل إلى تسوية مرحلية قد يحمل بعض الفوائد على المدى القريب. من بين هذه الفوائد:
- الحد من التصعيد العسكري: يمكن أن تسهم التهدئة في تقليل العنف والخسائر البشرية والمادية على كلا الجانبين.
- تهيئة بيئة للحوار: قد تشكل هذه الاتفاقيات أساساً لمفاوضات مستقبلية أكثر جدية وشمولاً.
- تقليل الضغط الإقليمي والدولي: قد تساعد التهدئة في تخفيف الضغوط السياسية على الطرفين، خاصة في ظل التوترات الإقليمية والدولية.
التحديات والعقبات
على الرغم من الفوائد المحتملة، تواجه هذه الجهود العديد من العقبات، من بينها:
- انعدام الثقة المتبادل: حيث يصعب على الطرفين الوثوق بالنوايا الحقيقية للآخر.
- الضغوط الداخلية: قد تواجه القيادات السياسية في لبنان وإسرائيل معارضة داخلية لأي اتفاق يُنظر إليه على أنه تنازل للطرف الآخر.
- التدخلات الإقليمية والدولية: تلعب القوى الإقليمية والدولية دوراً مهماً في توجيه مسار الصراع والتسوية، وهو ما قد يُعقد الأمور بدلاً من حلها.
خاتمة
في ظل الأوضاع الراهنة، يمثل التوصل إلى تسوية بين لبنان وإسرائيل فرصة مهمة يجب استغلالها بحذر وذكاء. ومع ذلك، فإن السلام الدائم يتطلب خطوات أعمق وأكثر شمولاً تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار أو التهدئة المؤقتة. لا يمكن تحقيق استقرار حقيقي إلا من خلال معالجة جذور النزاع وإبرام معاهدة سلام شاملة تنهى حالة الحرب القائمة بين الدولتين. وإلى أن يتحقق ذلك، ستبقى الاتفاقيات المؤقتة حلولاً مرحلية تساهم في إدارة الصراع لكنها لا تقضي عليه.