الصادق العثماني يكتب عن الفرق بين الدين والتدين
النهار نيوزهناك اشكالية كبيرة يعرفها الفكر الإسلامي المعاصر
وهي التفريق بين الدين والتدين، أو إن صح التعبير بين الدين فيما يتعلق بنصوصه المقدسة وتطبيقاتها على أرضية واقع المؤمنين من قبل أشخاص يختلفون في فهم هذه النصوص، وكلما كان فهم المؤمن قريبا من فهم مراد كلام الله تعالى وجوهره وروحه تجلت له سمات العظمة لهذه النصوص (الوحي) الذي يحثنا على الخير والبر والإحسان والعمل الصالح، وعلى قيم الصدق والأمانة والنزاهة والعدالة والوفاء والكرم..وفي هذا السياق ومن أجل حل لهذه الإشكالية ينبغي تقسيم نصوص الدين الإسلامي على الخصوص إلى قسمين:
أولا، النصوص التعبدية: وهي نصوص لهداية الناس ولتوجيههم إلى عبادته؛ أي أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك من الشعائر التعبدية.. علما ان معظم المسلمين يجتهدون في أداء هذه العبادات، ويكونون داخل المساجد أشبه بالأولياء والصالحين؛ لكنهم -للأسف -خارجها يتحولون إلى كائنات أخرى، وذلك لأنهم لم يأخذوا بجانب آخر في الدين لا يقل أهمية، ألا وهو ذلك المتعلق بالمعاملة الحسنة والأخلاق الكريمة، بالإضافة إلى قيم المحبة والرحمة والتسامح..فهذه القيم هي جوهر الدين وروحه الذي عبر عنها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“- .
ثانيا، النصوص المتعلقة بالمعاملات: وهي مجموعة القيم والتوجيهات التي أرشدنا إليها الدين في التعامل مع الآخرين، والتي تتلخص كلها في حسن التعامل مع مخلوقات الله تعالى. فعندما أخذ المسلمون الأوائل بنصوص المعاملات والقيم الإسلامية، كانت لهم مكانتهم في العالم، وأصبحت اللغة العربية لغة العلم والأدب والحضارة في عصرها. أما اليوم فهناك مئات الملايين من المسلمين الذين يؤدون العبادات كطقوس، لكنهم يخرجون منها دون أثر يذكر للقيم المذكورة آنفاً، والسبب أنهم لا يعبؤون بقيم الإسلام..!.
وما أود الوصول إليه وهو أنه لا يمكننا أن نفصل بين الجانب التعبدي في الإسلام والجانب المعاملاتي فيه، فالنصوص الدينية في الشريعة الإسلامية سلسلة واحدة متماسكة فإن فصلنا واحدة منها انفرطت السلسلة كلها، وهذا ما هو حاصل اليوم في الدول الإسلامية؛ ترى المساجد ممتلئة بالمصلين، لكن لا أثر لها في واقع حياة المسلمين، والله المستعان .
الصادق العثماني- البرازيل