أيمن سلامة : تعليق الوساطة وجدية المفاوضات .... قراءة في المصطلحات

يشير إعلان قطر توقف جهودها للتوسط في وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن بين إسرائيل وحماس، إلى الإحباط المتزايد للدولة الخليجية إزاء فشل الأطراف المتحاربين في الاتفاق على إنهاء الحرب في غزة.

شعرت قطر بالإحباط تجاه الطرفين المتحاربين في قطاع غرة ؛ سواء حماس أو إسرائيل ، فقد حذرت قطر حماس مؤخرا من أنه إذا لم تكن الحركة مستعدة للانخراط بجدية في المفاوضات، فلن تتمكن من الاحتفاظ بمكتبها السياسي في الدولة الخليجية.

في أبريل204 أعلنت قطر إنها تعيد تقييم دورها كوسيط حيث اشتكت من أن جهودها يقوضها سياسيون "ذوو مصالح ضيقة “،ولكنها استمرت في العمل مع الولايات المتحدة ومصر لتأمين صفقة.

في سبتمبر2024، أعربت قطر عن غضبها من حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، قائلة إن نهج إسرائيل "يقوم على محاولة تزوير الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي بتكرار الأكاذيب" التي من شأنها أن "تؤدي إلى زوال جهود السلام".

جدية المفاوضات مبدأ أساسي في عمليات التفاوض، حيث تشير إلى التزام الأطراف المتفاوضة بالوصول إلى اتفاق مشترك بصدق وشفافية. تتضمن هذه الجدية عدة جوانب، منها : الرغبة الحقيقية في الوصول إلى حلول

، بدلاً من تضييع الوقت أو محاولة كسب نقاط على حساب الطرف الآخر ،و التحضير الجيد للمفاوضات ، والمرونة والتعاون حيث تكون الأطراف مستعدة لتقديم تنازلات معقولة والعمل بروح التعاون، بهدف الوصول إلى تسويات تُرضي الطرفين.

يُعد تعليق الوساطة ، خطوة مؤقتة، يتم اتخاذها غالبًا عند تعقيد المفاوضات أو الحاجة لإعادة تقييم المواقف من قبل الأطراف المعنية. في هذه الحالة، يبقى أمل العودة إلى الطاولة قائماً.

في المقابل يعد إنهاء الوساطة، قرار نهائي يختتم جهود الوساطة حينما يبدو أن التوصل إلى تسوية مستدامة أصبح مستحيلًا، سواء لأسباب سياسية، أو انعدام الثقة بين الأطراف، أو تدخل أطراف خارجية يزيد من تعقيد النزاع، و حالة الوساطة الدولة التي قام بها أمر الكويت الراحل بين قطر و دول المقاطعة الأربعة في عام 2017 مثالا صارخا في هذا السياق .

يأتي التعليق كاستجابة لمشاكل قصيرة الأمد أو ظروف مؤقتة على سبيل المثال، شهدت محادثات السلام بين الحكومة الكولومبية ومتمردي "فارك" في أوقات متفرقة تعليقًا مؤقتًا لاستيعاب مطالبات جديدة أو استجابة لأعمال عنف مفاجئة ، إلا أن هذا التعليق لم يكن نهاية للعملية بل سمح بمرونة في استيعاب المتغيرات، وأدى بالنهاية إلى التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي في عام 2016.

على النقيض، يأتي إنهاء الوساطة عندما تتعثر المفاوضات بشكل جذري، ويظهر عدم التوافق في الأهداف والأولويات لدى الأطراف المتنازعة ، وهذا القرار يحمل اعترافًا ضمنيًا بأن العملية قد فشلت في تحقيق أهدافها، مثال على ذلك هو محاولة الوساطة الأممية في الصراع السوري، حيث شهدت المحاولات الأولى بقيادة الأخضر الإبراهيمي فشلًا ذريعًا، وانتهت وساطته بعد استحالة تحقيق توافق بين النظام والمعارضة، إضافة إلى التأثير السلبي للتدخلات الإقليمية والدولية المتعددة.