الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : الحب كله في عاصمته …”دندرة”
النهار نيوز(. الحب نور يقذفه الحق في قلوب المحبين وإذا استولى علىه سرى فى الأعضاء ، و إذا استولى على الجوارح نشر خمار المحبة على سائر البدن ، ليحدث فى الفؤاد استغراق و على البدن سكون
(. إن في الحب سر لا تعرفه إلا ارواح المحبين فطوبى لمن فُتح قلبه لفهم الإشارات المحبة فهي جود ينفعل به الوجود والمحبون هم الواصلون تتباهى بهم الملائكة فى الملاء الاعلى
(. وقد حبا الله قنا بعاصمة الحب كله منذ فجر التاريخ "دندرة" حيث سجل معبدها الذي يعد تحفة معمارية وهندسية صورا وتفاصيلا لعلاقة القنائين بالحب واحتفائهم بالعشق والعشاق في احتفالات خاصة كانت تقام بشكل دوري ضمن 282 عيدا واحتفالا عرفها المصريون القدماء في كل عام .
(. و كشفت دراسة اجراها علماء المصريات في جامعة السوربون الفرنسية" ، بأن القنائيون القدماء كانوا يتمتعون بعواطف جياشة ومشاعر عاطفية نبيلة ، و اعتمدوا على التصوير في التعبير عما يكنونه من مشاعر بداخلهم قد لا يستطيعون التعبير عنها في نصوصهم .
(. وسجل القنائيون القدماء في عشرات النصوص التي على حوائط معبد دندرة او في اوراق البردى وقطع الاوستراكا التي كانت فيه ونقلت لمتحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس ماكتبوه للتعبير عن لوعتهم وعن حبهم ومشاعرهم تجاه محبوباتهم
(. ومن ابرز وأروع ما كتب في هذه المخطوطات قول احدهم واصفا معشوقته في إحدى المخطوطات القديمة " أنها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها أجمل جميلات العالم ،انظر اليها كمثل النجمة المتألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب .. تلك التي تتألق و التي تبرق بشرتها بريقا رقيقا ،ولها عينان ذواتا نظرة صافية وشفتان ذواتا نطق رقيق ،ولا تخرج من فمها أبدا أية كلمة تافهة .. هي ذات العنق الطويل والصدر المتألق شعرها ذو لون لامع، أن ذراعيها تفوقان تألق الذهب ، وأصابعها تشبهان كؤوس زهرة اللوتس .. أنها ذات خصر نحيل وهى التي تشهد ساقها بجمالها .. ذات المشية المتسمة بالنبل عندما تضع قدميها على الأرض " ..
واحتفى القنائي القديم بمحبوبته وعشيقته وزوجته وكان يعبر عن عواطفه تجاهها في احتفالية يطلق عليها " الوليمة " .
وتوجد اكثر من لوحة في معبد دندرة تسجل احتفاء المصري القديم بمحبوبته وتقديمه الزهور لزوجته ومعشوقته ، وكما يهدى المحبون والعشاق(. الورود والزهور لمن يحبون ويعشقون اليوم .
وكان للزهور مكانه كبيرة في نفوس المصريين. وكانت زهرة اللوتس هي رمز البلاد. كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته.
ويذكر التاريخ الانساني تفاصيل واحدة من أقدم قصص الحب في التاريخ ، وهى القصة التي كادت أن تتسبب في ضياع كرسي العرش من أعظم ملوك مصر القديمة ، وهو الملك امنحتب الثالث . تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر الفرعونية والذى يعد أحد أعظم حكام مصر على مر التاريخ والذى اهتم بالرياضة والصيد والقنص وعرف بأنه صياد عظيم " لكن قلبه وجد من يصطاده " ووقع فؤاده اسيرا لدى واحدة من عامة الشعب ، واصر على الارتباط بها والزواج منها برغم أن اصراره على الزواج من محبوبته كاد أن يفقده عرشه الملكي .
ومحبوبة امنحتب الثالث هي " تي " التي لم تكن تحمل دماء ملكية لكنها وبفضل الحب الذى جمع بين قلبها وقلب أمنحتب الثالث صارت من أشهر ملكات مصر الفرعونية .
و امنحتب الثالث هو ابن الملك تحتمس الرابع و أمه هى " موت ، ام ، تويا " كانت من محظيات والده ولم تكن تحمل في شرايينها دماء ملكية ، وكذلك محبوبته " تى " التي لم تكن أميرة وكانت ابنة لأحد أعيان مدينة اخميم ، وكان من طقوس تولى العرش أن يتزوج بأميرة تحمل دماء ملكية .
و نظرا لأن قلبه تعلق بمحبوبته " تى " فقد لجأ امنحتب الثالث الى كهنة الاله امون الذين قدموا له العون الذى مكنه من الزواج من محبوبته عبر اقامة معبد لامون اله طيبة وهو المعروف الان بمعبد الأقصر وبداخل هذا المعبد أقام حجرة للولادة الالهية .
وارتبط الملك امنحتب الثالث بمحبوبته " تى " التى شاركته كثيرا من أمور الحكم ، وكانت بحبها له وحب الشعب لها سببا في استقرار ورخاء البلاد ابان حكمه ، فخلد عقد زواجهما بأن أمر بنقشه على الجعران الذى يطوف حوله المئات في كل يوم داخل معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة في مدينة الأقصر .
ولا تنتهى قصص الحب فى مصر القديمة عند قصة حب امنحتب الثالث ومحبوبته " تى " فهناك قصة الحب التي جمعت بين الملك رمسيس الثاني والملكة نفرتاري وهى القصة التي خلدتها اثار معابد أبوسمبل جنوبى أسوان .
و التصميم الرائع لمعبد الملكة حتشبسوت المنحوت فى جبل القرنة غرب الأقصر كان نتاجا لقصة حب غير معلنة من قبل المهندس " سنموت " ابن مدينة أرمنت ، والذى أحب الملكة حتشبسوت فصمم لها معبدها الفريد والمعروف اليوم باسم معبد الدير البحرى .
ويقول بعض علماء المصريات إن قلب الملكة حتشبسوت قد مال الى مهندسها سنموت ، لكن مسؤوليات الحكم وطقوسه لم تسمح لها بإعلان ذلك الحب .