الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب تجربة الإنسان تخصه ولا يمكن ان تتكر مع غيره

(. كلما أذهب الي المرآة يستيقظ الأنا الأخر بداخلي ويطل برأسه عبرها وهو مشبع بالوعي المسبق الذي شكلته سنين التجربة متجاوزاً للأبعاد المكانية الثلاثة ” الطول والعرض و الإرتفاع ”ليمسك بتلاليب اللحظة التي تعبرعن البعد الرابع في الصورة المعكوسة وهو الزمن ليعاودني سؤال: “من أنا؟” .

(.وكلما يمر يوم يزعجني هذا السؤال أكثر فأكثر لكون الحياة في بعض الاوقات تجربة فارغة من المعاني تشبه إلى حد بعيد معادلات الرياضيات الجافة بأرقامها .

(. هل أنا حروف وهمية، شكلت كلمات، شيدت جمل في رواية خرافية دونتها الاساطير على جدران سفينة ملتفة بأثواب السحب تسافر في بحر خيال الي هناك وهي مكتظة بأوهام الرحيل ، رغم ادراكنا الذي لا يقبل الشك ان الحقيقة تكمن في اعماقنا ولكننا نبحث عنها في اللاوعي، في الأفق البعيد عند أنهار الليل، ونحن على يقين لا يمكننا ملاحظة الكون إلا من خلال العقل .

(. والعقل يقول نحن في الأصل ممثلين على مسرح الحياة كل واحد يلعب دوره برضاها او غصب عنه بغض النظر عن مضمون الحكاية أو درجة صدقها او قربها وبعدها من مواجعنا اشخاص وشعوب وفي الوقت نفسه متفرجين على مدارج السنوات التي هي في الاساس من دون رصيد .

(. تجربة اي انسان في هذه الحياة الفوضويّة والمعقدة جدًا هي تجربة ذاتية ، لا يمكن أن تتكرر مع انسان آخر لاختلاف تقديرنا للاشياء والالوان ، والشيء الذي لا خلاف عليه ان حقيقة كل واحد فينا تكمن بداخلنا، أن أنت ليس نفس الانسان الذي كنته في الامس بعد ما يودع النهار الشمس فيموت ليل أسود خلف الجفون‏.

(. الحقيقة تكمن في اعماقنا ولكننا نبحث عنها في اللاوعي عند أنهارالليل ،رغم ان متأكدين أننا لا يمكننا الوصول اليها إلا من خلال العقل .: