الأحد 30 يونيو 2024 12:32 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. نادية حلمي تكتب : الحوكمة فى الصين ودور الحزب الشيوعى الحاكم فى نشرهاعربياً وعالمياً

النهار نيوز

شرع الحزب الشيوعي الحاكم فى الصين فى رسم مسار جديد للإصلاح والتحديث تحتقيادة الرئيس الصينى الرفيق "شي جين بينغ"، لذا نجد بأن مفاهيم ومبادئ الحوكمةداخل قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ومسار النمو المستقبلي للصين، والسياساتالداخلية والخارجية للأمة الصينية العظيمة ونهضتها، والإستجابات لمخاوف العالمبشأن الصين، كلها تستفيد بشكل كبير من حكم الصين. كما جاء تشديد الرئيس "شىجين بينغ" فى خطاباته السياسية على مبدأ نشر "الحوكمة الصينية" عالمياً وتعزيزقدراتها بشكل كبير داخل الصين، بتأكيده على أنه: "يجب أن تلائم الدبلوماسية الصينيةمكانتها كبلد رئيسى حول العالم"، وذلك في خطاب ألقاه في مؤتمر داخلي للحزب. وشدد "شى" فى الوقت ذاته، على الحاجة إلى أن تدعم الدبلوماسية الصينية بقوةالمثل الصيني المتمثل في التجديد العظيم للأمة الصينية من خلال "إتباع الخيطالأساسي لخدمة التنمية السلمية والنهوض الوطني"، وقد تم بالفعل تكريس "طريقالتنمية السلمية" رسمياً في دستور جمهورية الصين الشعبية. كما يعد فكر الرئيسالصينى "شى جين بينغ" بصفته الأمين العام للحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، حولأسس الحوكمة الصينية بخصائص وسمات (الإشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصرجديد)، بمثابة الضوء التوجيهي لها وهي تدخل حقبة جديدة، وتفتح حقبة جديدةلتجديد شباب الأمة الصينية.

كما تحاول الصين، من خلال نشر مجموعة متنوعة من الأدوات المتاحة لها، خلقحلقة تربط نجاحها الإقتصادي بالمزايا السياسية، وبالتالي تعزيز صورة نموذج بكينللحوكمة الرشيدة عالمياً عبر إقامة وإستضافة العديد من الدورات التدريبية وورشالعمل داخل الصين لنشر ثقافة الحوكمة الصينية والحكم الرشيد عالمياً، خاصةً بعدإطلاق الرئيس الصينى "شى جين بينغ" لمبادرة الحوكمة العالمية، ودعوة كل دولالعالم وبالأخص الدول الأفريقية والنامية للإستفادة منها، لتوصيل صوت "الجنوبالعالمى" حول العالم، وفق مبدأ "المصير المشترك للبشرية، والتعاون المربحللجانبين، والمنفعة المتبادلة، ومبدأ رابح رابح"، وهى أبرز الأسس التى تحاول الصينمن خلالها نشر ثقافتها ومنهجها للحوكمة الصينية فى كل مكان حول العالم. وهو نفسهما أعلنه الرئيس الصينى "شى جين بينغ" حفل إفتتاح (الدورة الثالثة لمنتدى "الحزاموالطريق" للتعاون الدولى) فى عام ٢٠٢٣، من خلال إشارة الرئيس الصينى "شي جينبينغ"، إلى أن "رحلة السنوات العشر بعد إطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية، قدأثبتت أن البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" يقف على الجانب الصحيح من التاريخ،ويتوافق مع منطق التقدم في هذا العصر، وأنه المسار الصحيح للبشرية. فعند نقطةبداية تاريخية جديدة، يشهد البناء المشترك العالي الجودة لـ "الحزام والطريق" آفاقاًمشرقة، ومن شأنه أن يحقق التعاون والفوز المشترك بين الصين وجميع الأطراف فىالمستقبل الجميل". مع تأكيد الرئيس الصينى "شى جين بينغ" أمام المجتمع الدولىخلال إستضافة بكين للدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولى فى عام٢٠٢٣، بأن : "روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والإنفتاح والشمولوالتعلم المتبادل والمنفعة المتبادلة هي أهم مصدر قوة للبناء المشترك لـ "الحزاموالطريق"، حيث يعتبر طريق الحرير تراثاً تاريخياً مشتركاً للدول والشعوب من الأعراقوالمعتقدات والخلفيات الثقافية المختلفة فى قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، وهو رمزمهم للتبادل والتعاون بين الشرق والغرب". وهو ما يبرز من خلاله رؤية الرئيسالصينى"شى جين بينغ" لأهمية تعزيز ونشر ثقافة الحوكمة الصينية والحكم الرشيدعالمياً عبر مبادرتها للحزام والطريق.

فمنذ (المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعى الحاكم)، إتخذت لجنته المركزيةوفي القلب منها الرفيق "شي جين بينغ" مسار تعزيز الحوكمة الصينية داخلياً وخارجياً،من خلال إتباع عدة إجراءات، يعد أبرزها: تعزيز سيادة القانون كمنهج أساسي لحكمالبلاد وتحقيق نهج الحوكمة الصينية والحكم الرشيد على كافة الجبهات، وفى سياقتعزيز التنمية الصحية للمشاريع على جميع الجبهات وفقاً لسيادة القانون، قامت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى بإستمرار بتحسين نظرية سيادة القانونالإشتراكية ذات الخصائص الصينية، مما وفر إرشادات نظرية واضحة لتطوير نظامسيادة القانون الإشتراكى ذى الخصائص الصينية في العصر الجديد، وتعميم أسسالحوكمة الصينية والحكم الرشيد في الدولة الصينية عالمياً. كما أنه فى ظل التوجيهالصحيح لفكر الرئيس "شي جين بينغ" بشأن سيادة الحوكمة الصينية والحكم الرشيدبإتباع نهج القانون السليم، ومن أجل تمهيد الطريق أمام المجتمع الصينى لإنجاز(الحوكمة الشاملة القائمة على القانون وتوفير برنامج عمل واضح لجميع المجالاتالتي ينطوي عليها تعزيز سيادة القانون)، وضعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعىالحاكم وفي القلب منها الرفيق "شي جين بينغ" ثلاث وثائق رئيسية لإنجاز خطة التحولالصينى الشامل نحو نهج ومسار الحوكمة، تتمثل فى: خطة بناء سيادة القانون فيالصين، والخطوط العريضة لتعزيز بناء الحكومة الخاضعة لسيادة القانون، والخطوطالعريضة لتعزيز الإشراف على سوق قائم على القانون. وهنا جاء تقرير الرئيس الصينى"شى جين بينغ" أمام (المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصينى)، والذى قدممن خلاله "شي جين بينغ"، وبصفته الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعيالصيني، ملخصاّ ثاقبا للإنجازات التاريخية التي حققها الحزب والبلاد في العصر الجديدلإنجاز التحول الصينى الشامل نحو ترسيخ ثقافة الحوكمة عبر سيادة القانون، وهو ماأشار إليه بوضوح الرفيق "شى"، بأن الإطار العام للحوكمة الصينية هى التى تقوم علىحكم القانون، وهو ما قد تبلور ونجح الحزب الشيوعى الحاكم فى تحقيقه بالفعل.

ويعد الهدف العام للنهوض الشامل بالحوكمة القائمة على القانون فى الصين، منخلال (بناء نظام لسيادة القانون الإشتراكى ذات الخصائص الصينية وبناء دولةإشتراكية في ظل سيادة القانون). كما طرح الرئيس الصينى "شى جين بينغ" تلك الآليةلتطبيق القانون من أجل إنفاذ مسار التحول نحو الحوكمة الشاملة فى المجتمعالصينى، وذلك لأول مرة فى (الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الثامن عشرللحزب الشيوعي الصينى)، وتم تأكيده بشكل أكبر في تقرير "شي جين بينغ" في المؤتمرالوطني التاسع عشر للحزب الشيوعى الحاكم. ولبناء مثل هذا النظام الصينى للحوكمةالقائمة على سيادة القانون، فإن المهام الرئيسية لتنفيذ ذلك، تتم عبر (إنشاء نظامشامل للقوانين واللوائح، ونظام فعال لإنفاذ القانون، ونظام صارم للإشراف على سيادةالقانون، ونظام قوى للضمانات فى ظل سيادة القانون، ونظام قانونى شامل داخلالحزب الشيوعى الحاكم).

وتقوم الحوكمة الصينية على مواصلة الصين لسياسة الإنفتاح على العالم كجزء منبناء إقتصادها المحلي، وزيادة الوصول إلى الأسواق، وجعل البلاد مكاناً أكثر جاذبيةللإستثمار لأنها ملتزمة بسياسة الدولة الأساسية المتمثلة في الإنفتاح. لذا، نجد بأنتجربة الحوكمة الصينية تقوم على مشاركة الإمكانات والمصالح مع الدول الأخرىوتحقيق تعاون مربح للجانبين، ومن أجل ذلك تعهدت الحكومة الصينية بزيادة حمايةحقوق الملكية الفكرية وتبني الجهود لزيادة الواردات. كما تقوم فكرة "الحوكمةالصينية" على أهمية رسم صورة تاريخية جديدة للتنمية المشتركة للصين حول العالم،بمواصلة الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين على دفع مبادرة الحزام والطريق بثبات،والسعى إلى التآزر مع إستراتيجيات التنمية للبلدان الأخرى، وإحترام مبادئ "التشاور،والبناء المشترك، والمشاركة". وهو ذاته ما أوضحه الرئيس "شى جين بينغ" في خطابهفي (منتدى بواو لإنفتاح آسيا)، بأن "أبواب الصين للإنفتاح لن تغلق، بل ستفتح بدلاً منذلك على نطاق أوسع". كما وعد الرئيس "شى" كذلك، بأن الصين ماضية بثبات نحوتعزيز الحوكمة الصينية عالمياً، بالنظر لنتائج الإصلاحات الصينية، فستظهر إمكانياتجديدة تعزز من قدرة الصين على نشر وإرساء والإرتقاء بالحوكمة الصينية حول العالم.

وهنا تلعب الصين دوراً متزايد الأهمية فى الحوكمة العالمية. وتعد (الدبلوماسيةمتعددة الأطراف) بمثابة طريقة مهمة للصين من أجل المشاركة في الحوكمة العالميةوتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك عالمى للبشرية. كما تعد الصين، وبصفتها دولة كبرىمسؤولة، لذا فهى لم تغيب أبداً عن المنتديات متعددة الأطراف الدولية من أجل إرساءأسس الحوكمة الصينية حول العالم. وهنا نجد بأن البناء المشترك لـ "مبادرة الحزاموالطريق الصينية" هو حل الصين لنشر مبادرتها للحوكمة والحكم الرشيد عالمياً، منأجل القضاء على المشكلات وتحسين القدرات المعنية سعياً إلى مواجهة التحدياتالمشتركة، التى تواجهها مختلف البلدان، مثل: العجز المتزايد في السلام والتنميةوالأمن والحوكمة. وبإعتبار الصين ثاني أكبر إقتصاد في العالم، لا تركز الصين علىضمان مصالحها فقط، وإنما أيضاً تقدم مبادرات وحلولا صينية من أجل توفير اتجاهجديد وأفكار وقوة محركة جديدة، في وقت يقف المجتمع الدولي عند مفترق الطرق. وذلك على أساس بناء رابطة المصير المشترك للبشرية، يهدف البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" ومبادرات الصين حول (التنمية العالمية والحوكمة العالمية والأمنالعالمى)، إلى تحقيق الترابط والتواصل المتبادل وحل مشكلات التنمية العالمية عبرنشر وتعزيز ثقافة الحوكمة الصينية حول العالم، مما يعزز العولمة الإقتصادية، ويحققإنتعاش الإقتصاد العالمي وإعادة التوازن، حيث تهدف مبادرتى الأمن العالمى التىأطلقتها الصين رسمياً ومبادرة الحوكمة الصينية، إلى التغلب على التحديات الأمنيةالتي تواجهها جميع الأطراف، وإستكشاف مسار أمني جديد قائم على الحوار وليسالمواجهة وتكوين شراكات وليس تحالفات وتحقيق الفوز المشترك بدلاً من المحصلةالصفرية، كما تهدف مبادرة الحضارة العالمية للصين، إلى مواجهة التحديات الناجمةعن صراعات القيم بين الأطراف المختلفة، وتدعو إلى التمسك بالقيم المشتركةللبشرية جمعاء لتحقيق التعايش المتناغم والتعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة. ومن بين هذه المبادرات، كانت مبادرة "الحزام والطريق الصينية" بإعتبار أنها المبادرةالأولى التي تطرحها الصين، ونفذتها الصين لأطول مدة، وحققت نتائج وتأثيرات أكبر،ووفرت أساساً مادياً وفكرياً لتنفيذ المبادرات الأخرى، وعلى رأسها مبادرة الصين حول"الحوكمة العالمية".

وهنا جاء تشديد الرئيس الصينى "شي جين بينغ" على "ضرورة أن تقود الصين وروسياإصلاح الحوكمة العالمية"، عبر (الشراكة بين البلدين)، وأوضح "شى" فى خطاباتهالسياسية أمام الجانب الروسى والمجتمع الدولى، بأن الجانبين الصينى والروسى فىحاجة إلى تعزيز الحوكمة الشاملة عبر منصة التواصل والتعاون ضمن الآلياتالمتعددة الأطراف، مثل: (منظمة شنغهاي للتعاون، مجموعة بريكس، وقيادة الإتجاهالصحيح لإصلاح الحوكمة العالمية، وحماية المصالح المشتركة لدول الأسواق الناشئةوالدول النامية). مع تأكيد الرئيس "شى"، عن "إستعداد الصين لمواصلة العمل معروسيا لتطوير شراكة إستراتيجية شاملة للمساعدة المتبادلة والتكامل العميق والإبتكاروالتعاون الشامل في العصر الجديد".

وعلى المستوى الدولى، تلعب الصين دوراً كبيراً فى نشر وتعزيز الحوكمة الصينيةعالمياً وبالأخص داخل الدول النامية عبر مبادرتها للحزام والطريق، حيث إن مبادرةطريق الحرير الجديد للصين، تؤكد رغبتها في ترسيخ نفسها كقوة أوراسية قادرة علىتحقيق مسار الحوكمة الصينية أوراسياً وعالمياً. عبر خطة ربط الصين لجميع المراكزالإقتصادية الديناميكية في شرق آسيا وغرب أوروبا، مع القدرة الصينية فى الوقت ذاتهعلى الوصول إلى بلدان آسيا الوسطى، عبر إعتماد الصين على إتفاقيات ثنائية وجماعيةلتعميق مشاركتها في تنمية البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وهناقدمت الصين العديد من الإستثمارات فى قطاعات البنية الأساسية للعديد من الدولالنامية والأفريقية، وغيرها. وبالتالي أصبحت الصين بمثابة الدولة الأكبر على مستوىالعالم التي توفر التمويل للبلدان النامية، والآن يقدم (بنك التنمية الصينى) بالفعلقروضاً أكثر من تلك التي يقدمها البنك الدولى الذى تسيطر عليه الولايات المتحدةالأمريكية والغرب. وتحاول الصين نشر مبادرتها العالمية للحوكمة الصينية على نهجشامل عالمياً، من خلال تنفيذ ما أسمته إستراتيجية "الحزام الواحد، الطريق الواحد"،والتى تسعى من خلالها الصين إلى تنفيذ إستثمارات تؤثر على نحو ستين دولة - بما فيذلك في آسيا الوسطى - حيث تشمل خطط الصين الإستثمارية كافة المناطق حولالعالم لنشر ثقافة الحوكمة الصينية عالمياً، فى (المحيط الهندي، بحر الصين الجنوبي،البحر الأبيض المتوسط). وفى إعتقادى كخبيرة فى الشأن السياسى الصينى، بأن تلكالإستثمارات الصينية ستمثل أيضاً شبكة لتيسير نقل السلع والأفكار الصينية للحوكمةعبر منطقة أوراسيا ككل.

وفى الوقت الحالى، تدعم الصين على نحو متزايد خطابها بشأن تعزيز (الحوكمةالرشيدة) من خلال توفير التدريب في مجال الحوكمة للمسئولين الأجانب لتطوير علامة"الحوكمة" الصينية، وبالأخص فى منطقة الشرق الأوسط. حيث تعتبر الصين منطقةالشرق الأوسط، بمثابة منطقة مهمة في هذا الصدد، نظراً لمواردها الهائلة، وقضاياهاالتاريخية التي تبدو قابلة للإستغلال أمريكياً وغربياً، وعلى رأسها القضية الفلسطينية،كما ينظر المسئولين الصينيين إلى نظام القيم القائم فى منطقة الشرق الأوسط،بإعتباره نظام غير متوافق مع الديمقراطيات الليبرالية. وسعياً لتحقيق هذا الهدف،تدعم الصين على نحو متزايد خطابها بشأن (الحوكمة الرشيدة فى الشرق الأوسط)، منخلال توفير الصين لدورات تدريبية في مجال الحوكمة للمسئولين فى الدول العربيةوبلدان الشرق الأوسط. ومن أجل نجاح الصين فى خطتها لنشر مبادرتها للحوكمةالصينية فى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، فقد بدأت بكين، في إطار تعزيزرؤيتها لنظام عالمي جديد في الشرق الأوسط، بالتسويق بشكل ناشط لنهج حوكمتهاكنموذج محتمل لدول الشرق الأوسط. ففي عام ٢٠١٦، نشرت بكين أول مخطط لهاللسياسة الخارجية للمنطقة بعنوان "تعليمات السياسة للشرق الأوسط". وتنقسمالوثيقة الصينية إلى (خمسة أقسام) تحدد بالتفصيل ٢٩ بند، تأمل بكين في تنفيذها فيالمنطقة، بما في ذلك فهم تفضيلاتها وممارساتها في مجال الحوكمة.

كما جاء إفتتاح الصين (مركز الدراسات الصيني-العربي للإصلاح والتنمية في جامعةشنغهاي للدراسات الدولية) في عام ٢٠١٧، وهو مركز مخصص لتقديم دورات تدريبيةمتنوعة في مجال الحوكمة الصينية والحكم الرشيد للمسؤولين العرب. ونجد أن مركزالدراسات العربى – الصينى قد نجح فى نشر رؤية الصين للحوكمة الرشيدة منذ بدءإفتتاحه، ففى أول عامين، عقد المركز الصينى - العربى عشر ورش عمل حول التدريبعلى الحوكمة وإستقطب ما يقارب ثلاثمائة مشارك من ست عشرة دولة عربية، بما فيذلك وزراء من مصر وسوريا واليمن. وفي مركز الشرق الأوسط، يؤكد الأساتذة الصينيونمراراً لطلابهم أن (نموذج الحوكمة الصينى) هو المفتاح لتعزيز الأمن الإقليمى على نحوشامل. وبينما أعاقت جائحة كوفيد-١٩ أعمال مركز الدراسات الصيني-العربي للإصلاحوالتنمية لفترة مؤقتة، إلا أن تدريباته قد إستأنفت بعد ذلك، لتعود إلى مستويات ماقبل إنتشار الجائحة تقريباً. وتحظى هذه الجهود لنشر ثقافة الحوكمة الصينية والحكمالرشيد عربياً وفى منطقة الشرق الأوسط، بالدعم على أعلى مستويات الحزب الشيوعيالصيني. فقد كانت إعادة إشراك المشاركين من الشرق الأوسط محوراً أساسياً في رحلةالرئيس الصينى "شي جين بينغ" إلى منطقة الشرق الأوسط في عام ٢٠٢٢، حيث روجالرفيق "شى" علنياً وتحدث عن (نموذج الحوكمة الصينى). وفى السعودية، أكد الرئيسالصينى "شى جين بينغ"، بأن "بكين مستعدة لمشاركة الحكمة الصينية من أجل التقدمنحو شرق أوسط ينعم بالسلام". وفي القمة العربية الصينية، أعلن الرئيس الصينى"شىجين بينغ" عن خطة جديدة لبدء تدريب ألف وخمسمائة من ضباط إنفاذ القانونالإقليميين فى منطقة الشرق الأوسط على مجال "الشرطة الذكية"، وهى المنوط بهاإستخدام تكنولوجيا الذكاء الإصطناعى لإنفاذ القانون والمحافظة على الأمن والإستقراروالسلام الإقليمى الشامل عبر أسس وآليات نشر وتعزيز ثقافة الحوكمة الصينيةوالحكم الرشيد عربياً وفى الشرق الأوسط وعالمياً.

كما بدأت (وزارة التجارة الصينية)، بتقديم عدة تدريبات حكومية دولية متعلقةبالمواضيع الإقتصادية التى تعزز نشر وتعزيز ثقافة الحوكمة الصينية والحكم الرشيدعربياً وعالمياً، أهمها تنظيم دورات تدريبية في مجالات (الإدارة العامة، والشؤونالقضائية، وإدارة المنظمات غير الحكومية)، حتى أنه تم تقديم بعض هذه الدوراتالتدريبية فى وزارة التجارة الصينية باللغة العربية. وضمت إحدى الصفوف الخاصةبالإدارة العامة تحت إشراف الدولة الصينية في عام ٢٠٢١، أكثر من عشرين مسؤولاً منمنطقة الشرق الأوسط، وغطت ما يقارب عشرين موضوعاً، بما في ذلك (إصلاح القطاعالعام، تطوير "المدن الذكية" وإدارتها، وإدارة التظاهرات الحاشدة، وبرامج إعادةالتوطين والعمل)، وغيرها.

وقد بدأ دور أوروبا في هذه المبادرة الصينية للحزام والطريق لنشر ثقافة الحوكمةالشاملة للصين عالمياً، فى العديد من المناطق والدول الأوروبية، والتى بدأت بوادرهاتظهر بالفعل فى (ميناء بيرايوس اليونانى) الذي تتولى تشغيله جزئياً الشركة البحريةالمملوكة للدولة الصينية، المعروفة بإسم "موسكو". والذي من المقرر أن يعملكمحطة على الطريق البحرى للصين. وسوف يتم ربط (ميناء بيرايوس اليونانى) ببقيةأوروبا عن طريق البنية الأساسية الممولة من الصين في البلقان والمجر، وهو الأمر الذييعزز موقف الصين بإعتبارها الشريك التجاري الرئيسى للإتحاد الأوروبى.

ووفق تحليلى كمتخصصة فى الشأن الصينى، لقد نجحت الصين فى نشر رؤيتهاللحوكمة الصينية عالمياً، بعد إنتشار النهج الصينى أوروبياً وليس فقط داخل الدولالنامية، بعد إعلان المملكة المتحدة فى عام ٢٠١٥، عن إعتزامها العمل كعضو مؤسسفى (البنك الآسيوي للإستثمار في البنية الأساسية)، وهو الأمر الذي أدى إلى سيل منطلبات الإنضمام المقدمة من بلدان، مثل: (أستراليا، البرازيل، فرنسا، ألمانيا، كوريا،روسيا، تركيا، إسبانيا)، وغيرها، والتى إنضمت معظمها بالفعل إلى عضوية "البنكالآسيوى للإستثمار فى البنية التحتية" تحت إشراف الصين وحزبها الشيوعى الحاكم.

وبناءً عليه، نفهم بأن رؤية الصين للحوكمة الرشيدة، تقوم على خطة الصين كدولةكبرى على تحقيق أهداف وخطط التحديث الصينى المشترك المناسبة لعدد كبير منالسكان ومسار التنمية السلمي، وتهدف أيضاً إلى تحقيق الرخاء المشترك مع الدولالمشاركة في "الحزام والطريق" وتحقيق التوازن بين الحضارات المادية والروحيةوالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، مما يعنى أن التحديث الصيني القائم علىنشر وإرساء والإرتقاء بثقافة الحوكمة الصينية والحكم الرشيد عالمياً، يقوم علىالممارسة المناسبة للصين والبلدان الأخرى نحو تحقيق حوكمة وأسس حكم رشيد،ويتماشى أيضاً مع المفهوم الصينى حول "الحزام والطريق". ففى إطار البناء المشتركلـ "الحزام والطريق"، يتمسك التحديث الصيني النمط بالمنظور الصحيح حول المبادئوالأرباح، ويركز على تعزيز التداول المحلي والدولي، ويصر على إتباع طريق التنميةالمفتوحة والخضراء والتنمية المبتكرة، مما يفيد الشعب الصيني وشعوب البلدانالمشاركة في "الحزام والطريق" بإستمرار لتحقيق نهج وأهداف الصين وحزبهاالشيوعى الحاكم حول الإرتقاء بأسس الحوكمة الصينية عالمياً

—————————————-

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية - جامعة بنى سويف

———————