السفير رضا الطايفي يكتب: ”خلف الحجب” رحلة البحث عن الحقيقة في عالم الخيال والأحلام

إنتهيت للتو من قراءة الرواية المثيرة"خلف الحجب"أحدث مؤلفات الأديبة اللبنانية /مريم هرموش،التي تدخل بها مرحلة جديدة ونوعية في رحلتها الإبداعية..حيث تنقلنا هذه المرة من فانتازيا السرد القصصي والروائي علي روعته بما يجسده من واقع بأسلوبها البديع المتميز علي غرار ماورد في روائعها الأدبية السابقة :" ذلك الغريب"،"أكبر من العشق"،"شيئ مني"،بجماليّاتها اللغوية أسلوبا وسردا وبلاغة وإثارة وتشويقا وحرفيتها العالية في الكتابة ،إلي فانتازيا الخيال الروائي الساحر بكل مفاجآته ومفارقاته وغرائبه وعجائبه ،عالم ماوراء الطبيعة أو خلف الحجب علي حد تعبيرها..في رحلة البحث عن الحقيقة في عالم الخيال والأحلام ،الذي لاتخلو أحداثه ووقائعه من بعض الإسقاطات..خلف الحجب رواية بدأت أحداثها في قرية مستوحاة من وحي الخيال..قرية لاتعرف النوم ولم تختبر لذة النوم والأحلام،جمالها خلاّب كجزيرة من جنات عدن..أطفالها ونساؤها ورجالها كانوا سعداء بحياتهم كما لوكانوا يعيشون في المدينة الفاضلة،وبما أن دوام الحال من المحال،فقد حل عليهم ملك ظالم شرير حول سعادتهم الي جحيم،حيث استباح كل من ومافي القرية لنفسه،فشرع في ذبح الرجال واعاد من هرب منهم وذبحه،حتي النساء التي إن عارضت واحة منهن رغبته ألقاها في النهر لتموت غرقا،حتي زوجته لم تأمن بطشه فهربت بوليدها بعيدا عنه،ليلعب هذا الوليد يونس دورا محوري في هذه الرواية مع ابطال الرواية الآخرين:الراوي،العروس شمس،سيدة النهر،الشديد…فهل عادت القرية إلي سابق عهدها بعد رحيل الملك الظالم؟وماهي ملابسات اختفاء عروس القرية وفرارها من زوجها في ليلة عرسها؟ومارد فعل الزوج بعد هذا الرحيل اللغز ؟

ماهو دور الرجل المعمّر في الرواية ؟هل تستحق العروس الهاربة كل هذا العناء الذي تحمله العريس بحثا عنها خلف الحجب؟إشكاليات عديدة وتساؤلات جاءت إجاباتها تباعا في سياق احداث الرواية التي أخذت مسارين:مسار واقعي ومسار خيالي جمع بين ماهو فكري وماهو فلسفي،تقرأ مابين سطورها العديد من المفارقات حول الحياة والعدم..النور والظلام..الأرضي والسماوي..الحق والباطل ..العدل والظلم..الواقع والخيال..المعنوي والمادي..الحب والكراهية ..الحلم والحقيقة..،رواية تنقلك من الواقع الحقيقي الي الواقع الإفتراضي ومن الذكاء الإنساني الطبيعي الي الذكاء الافتراضي والشرائح الإلكترونية المزروعة في مقدمة الرأس من بيوت القرية البسيطة إلي الأحياء الصاخبة ذات الأبنية العالية وتأثير هذه الثورة الرقمية علي الشباب الذي تحول العديد منهم الي كائنات لاروح فيها ولاحتي رائحة الزمن الجميل !!!
واختتم هذا التعليق المختصر جدا عن رواية خلف الحجب ببعض الاقتباسات من واقع ماورد بنص الرواية:
"لاندرك أننا نحلم إلا حين نستيقظ من النوم".."حين نصل إلي نبع وجودنا الذاتي ..يمكننا استجلاء سر الوجود"..لسنا سوي عابرين،ولاندري إلي أين ستأخذنا المحطة التالية ،لكني علي يقين أنه علي الشاطئ الآخر ينتظرنا محيط هائل من الاحتمالات ".."كل حقيقة نكتشفها وراءها حقيقة أخري نجهلها".بقي أن أشكر الأديبة مريم هرموش وأهنئها علي هذا الإبداع الأدبي المتفرد ،مع تحية وتقدير خاص لرائد الفن التشكيلي الفنان القدير /أحمد الجنايني الذي أثري هذا العمل الروائي بلوحاته الفنية الموحية والغلاف المعبَر…

* مدير صندوق مكتبات مصر العامة