أيمن سلامة: القوة الأوروبية في أوكرانيا مقامرة استراتيجية أم مواجهة مباشرة؟


في ظل التصعيد المتواصل بين روسيا والغرب، تبرز خطوة نشر قوة أوروبية متعددة الجنسيات في أوكرانيا كتحرك ذي أبعاد سياسية وعسكرية عميقة. هذه القوة، التي يُفترض أن تكون مستقلة عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة الأمم المتحدة، تشكّل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، حيث تتحدى موسكو بشكل مباشر دون غطاء قانوني من مجلس الأمن الدولي، حيث يفرض الفيتو الروسي حصارًا صارمًا على أي قرار يمكن أن يشرعن تدخلًا غربيًا في أوكرانيا.
السوابق التاريخية: تدخلات متعددة الجنسيات خارج الأطر التقليدية
لم يكن نشر قوات متعددة الجنسيات خارج الإطار الأممي أو الأطلسي سابقة فريدة في التاريخ الحديث. في عام 1997، قادت إيطاليا قوة أوروبية متعددة الجنسيات في ألبانيا لاحتواء الفوضى الأمنية عقب انهيار النظام المالي هناك. كما أن روسيا نفسها استخدمت هذا النموذج حينما نشرت قوات من منظمة معاهدة الأمن الجماعي (الكومونولث الروسي) في كازاخستان عام 2022 لاستعادة الاستقرار بعد احتجاجات واسعة، وفي إقليم ناغورني كاراباخ حيث أدّت قوات حفظ السلام الروسية دورًا محوريًا بعد الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.
الإشكاليات القانونية والتحديات الدولية
رغم أن التدخل العسكري في أوكرانيا قد يتم عبر اتفاق ثنائي بين كييف والدول الأوروبية المعنية، إلا أنه يظل مخالفًا لمبادئ القانون الدولي التي تشترط إما تفويضًا من مجلس الأمن أو وجود تهديد واضح للأمن القومي للدول المتدخلة. كما أن موسكو تعتبر أي وجود عسكري أوروبي في أوكرانيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ما قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق قد يشمل مواجهة عسكرية مباشرة بين القوات الروسية وهذه القوة الأوروبية المفترضة.
سيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات
إن إنشاء قوة أوروبية متعددة الجنسيات في أوكرانيا يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة تتراوح بين التصعيد المحدود والتصادم المباشر بين روسيا والغرب. وبينما تعتبر بعض الدول الأوروبية أن هذا التحرك ضروري لردع موسكو، ترى روسيا فيه استفزازًا خطيرًا قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا في ظل غياب أي توافق دولي حول الحلول الدبلوماسية.
كاتب المقال: ضابط اتصال سابق لحلف الناتو في البلقان.