السبت 15 فبراير 2025 08:27 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة: الطبيعة القانونية لقوات اليونيفيل بين قيود اتفاقية SOFA وواقع استخدام القوة لماذا لم تدافع عن نفسها في بيروت؟

النهار نيوز


تعد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أحد أبرز النماذج على عمليات حفظ السلام الدولية، حيث تعمل بموجب تفويض محدد وفق قرارات مجلس الأمن واتفاقية مركز القوات (SOFA) الموقعة مع الجمهورية اللبنانية. لكن تساؤلات عديدة تثار حول مدى قدرتها على استخدام السلاح في أداء مهامها، وخاصة في حالات التهديد المباشر. الأحداث التي شهدتها طريق مطار بيروت يوم الجمعة 14 فبراير، حيث تعرضت آليات تابعة لليونيفيل لهجوم أدى إلى احتراقها وانسحاب عناصرها دون مقاومة، تطرح تساؤلاً قانونياً جوهرياً: هل تمتلك القوة الحق في استخدام السلاح خارج نطاق الدفاع عن النفس؟

الإطار القانوني لاستخدام القوة من قبل اليونيفيل
يخضع استخدام السلاح من قبل اليونيفيل لقيود قانونية صارمة مستمدة من تفويض مجلس الأمن، الذي حدد مهامها في القرار 1701 (2006)، واتفاقية SOFA التي تنظم وضعها القانوني في لبنان. وبموجب هذه الاتفاقية، لا تُعتبر اليونيفيل قوة قتالية، بل بعثة حفظ سلام ذات طبيعة غير هجومية، مما يفرض قيودًا واضحة على استخدامها للقوة.

وفقًا للقواعد المعتمدة، يقتصر استخدام السلاح من قبل قوات حفظ السلام على حالات الدفاع عن النفس أو حماية المدنيين في ظروف استثنائية. ولا يجيز التفويض لليونيفيل الدخول في مواجهات عسكرية أو اتخاذ إجراءات قتالية إلا في الحدود الدنيا الضرورية لحماية أفرادها أو تنفيذ مهمتها الأساسية. وبالتالي، فإن التزام اليونيفيل بعدم الرد على الهجوم في بيروت يمكن تفسيره قانونيًا بضرورة التزامها بقواعد الاشتباك المحددة، التي تُحظر فيها المواجهة المسلحة إلا عند تعرض الأفراد لخطر داهم لا يمكن تفاديه.

لماذا لم تدافع اليونيفيل عن نفسها في بيروت؟
بالرغم من أن الهجوم على قافلة اليونيفيل يشكل تهديدًا مباشرًا، إلا أن العناصر لم تستخدم السلاح للدفاع عن النفس. يمكن تفسير هذا التصرف بعدة عوامل قانونية وعملياتية، أبرزها:

قواعد الاشتباك المقيدة: تقضي توجيهات الأمم المتحدة بأن يكون استخدام القوة متناسبًا مع التهديد، وقد يكون القرار الميداني بعدم الرد مستندًا إلى اعتبار أن المواجهة المسلحة ستؤدي إلى تصعيد الوضع الأمني.
التنسيق مع الحكومة اللبنانية: نظرًا لأن الحكومة اللبنانية هي الجهة السيادية، فإن أي تصرف عسكري للقوة يجب أن يتم بتنسيق معها، وقد يكون الانسحاب قرارًا استراتيجيًا لتجنب مزيد من التوترات.
حماية صورة بعثة حفظ السلام: الانخراط في اشتباكات مسلحة قد يقوض دور اليونيفيل كمهمة لحفظ الأمن، مما يدفعها إلى تجنب استخدام القوة إلا في حالات الضرورة القصوى.
يثير الحادث الأخير في بيروت تساؤلات حول فعالية قواعد الاشتباك الخاصة بقوات حفظ السلام، وحدود قدرتها على الدفاع عن نفسها في ظل التفويض القانوني الممنوح لها. ورغم أن القانون الدولي يضع قيودًا واضحة على استخدام السلاح، فإن الواقع الأمني في لبنان يفرض تحديات ميدانية قد تتطلب مراجعة تلك القواعد، لضمان قدرة اليونيفيل على حماية أفرادها دون الإخلال بالتزاماتها الدولية.