الثلاثاء 11 فبراير 2025 08:34 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة :” التوطين القسري للفلسطينيين في السعودية حَمَاقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا”

النهار نيوز

في تصريح أرعن ينم عن جهل بالقانون الدولي ومبادئ السيادة الوطنية، أطلق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مزاعمه حول توطين الفلسطينيين في المملكة العربية السعودية، في خطوة تنتهك ليس فقط حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بل تشكل أيضًا اعتداءً صارخًا على سيادة المملكة وسلامتها الإقليمية. إن هذا التصريح، الذي يعكس أطماع الاحتلال في تصفية القضية الفلسطينية، يضرب بعرض الحائط المبادئ الأساسية للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ولا يمكن أن يُنظر إليه إلا باعتباره امتدادًا لسياسات التهجير القسري والتطهير العرقي التي تنتهجها سلطات الاحتلال منذ عقود.

أولًا: انتهاك للحق الفلسطيني في تقرير المصير
يُعَدُّ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وهو حق غير قابل للتصرف أو السقوط بالتقادم، كما أكدته قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرار رقم 3236 الصادر عن الجمعية العامة عام 1974، والذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. إن محاولات فرض التوطين على الفلسطينيين خارج أرضهم التاريخية تتناقض مع هذا الحق، وتشكّل جريمة دولية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتقويض نضال الشعب الفلسطيني المشروع.

ثانيًا: خرق صارخ لسيادة المملكة العربية السعودية
تعتبر السيادة الوطنية مبدأً مقدسًا في القانون الدولي، لا يجوز المساس به بأي شكل من الأشكال. وإن أي محاولة لإعادة رسم الخارطة الديموغرافية في أي دولة ذات سيادة دون موافقتها، يمثل اعتداءً على استقلالها وسلامتها الإقليمية، وهو ما ينطبق على ما طرحه نتنياهو. فالمملكة العربية السعودية، وفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لها كامل الحق في رفض أي مقترح يمس بسيادتها أو يفرض عليها ترتيبات غير شرعية تتعارض مع مصالحها القومية وأمنها القومي.

ثالثًا: التهجير القسري جريمة حرب بموجب القانون الدولي
إن أي محاولة لفرض التوطين القسري على الفلسطينيين في أي دولة، بما في ذلك السعودية، تشكل انتهاكًا صارخًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر التهجير القسري للسكان تحت أي ظرف. كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعرّف التهجير القسري على أنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. وبالتالي، فإن أي خطة تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم التاريخية، تحت غطاء "التوطين"، تقع ضمن نطاق الجرائم الدولية التي تستوجب المحاسبة.

رابعًا: مخالفة صريحة لمبادئ الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي
لطالما أكدت الدول العربية والإسلامية، من خلال الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على رفضها القاطع لأي مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو توطين الفلسطينيين في أي دولة غير دولتهم. كما أن المبادرة العربية للسلام لعام 2002 نصّت بوضوح على أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون وفق قرارات الشرعية الدولية، وليس عبر حلول مفروضة تتجاهل حقوق الفلسطينيين وسيادة الدول العربية.

الخاتمة: رفض قاطع واستمرار في دعم الحق الفلسطيني
إن تصريحات نتنياهو ليست مجرد استفزاز سياسي، بل تعكس عقلية استعمارية تحاول فرض وقائع جديدة على الأرض بالقوة، في تحدٍّ صارخ للإرادة الدولية والقوانين المنظمة للعلاقات بين الدول. إلا أن مثل هذه المحاولات ستظل مرفوضة من قبل جميع الدول التي تؤمن بالعدالة والحق، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي أكدت مرارًا على دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. إن أي تسوية سياسية لا تستند إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ستظل عديمة الشرعية، ولن يُكتب لها النجاح.