الجمعة 31 يناير 2025 12:05 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة: اتفاق تاريخي على اختيار الشرع رئيسا للانتقالية ... خطوة مفصلية نحو المستقبل

النهار نيوز

اختيار أحمد الجولاني رئيسًا للفترة الانتقالية في سوريا يحمل بعدًا حساسًا نظرًا لكونه أحد أبرز القادة العسكريين في المعارضة المسلحة، ورئيسًا لفصيل يعد من أبرز الفصائل الجهادية في سوريا. تحظى هيئة تحرير الشام، بقيادة الجولاني، بنفوذ قوي في شمال غرب سوريا، وهذا الاختيار يمكن أن يُعتبر خطوة مثيرة للجدل، حيث يثير تساؤلات حول قدرة الجولاني على كسب دعم بقية فصائل المعارضة، وكذلك تأثره بالعوامل الإقليمية والدولية التي قد لا تتوافق مع توجهاته وأيديولوجيته. كما أن الكثير من القوى الدولية تعتبر هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، ما يجعل هذا الاختيار محاطًا بالعديد من المخاطر والتحديات.

يواجه الاتفاق تحديات أمنية وسياسية هائلة. أولاً، قد يشعل هذا القرار توترًا مع القوى الأخرى داخل المعارضة المسلحة، التي قد تعترض على هيمنة شخصية عسكرية متشددة على العملية السياسية. ثانيًا، قد ترفض بعض الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة وروسيا هذا الاختيار، بالنظر إلى تاريخ الجولاني ومنظمة هيئة تحرير الشام في تصعيد الأعمال العسكرية، مما يعقد فرص التوصل إلى تسوية سياسية مقبولة. كما أن التحولات العسكرية على الأرض في سوريا قد تجعل أي اتفاق من هذا النوع عرضة للانهيار بسبب التدخلات الإقليمية والدولية المتعارضة.

في حال تمكن الجولاني من قيادة فترة انتقالية، فإن التحدي الأكبر سيكون في تقديم ضمانات للمجتمع السوري والمجتمع الدولي حول التزامه بتحقيق الأمن والاستقرار. بالنظر إلى سيطرة هيئة تحرير الشام على مناطق واسعة في شمال سوريا، سيكون من الضروري تنفيذ اتفاقات أمنية تضمن خفض التصعيد العسكري وتوفير بيئة آمنة للتفاوض، خاصة في ظل فشل العديد من الاتفاقات السابقة. وهذا يتطلب تعاونًا حقيقيًا من جميع الفصائل المتناحرة في الأراضي السورية.

قد يكون هذا الاختيار خطوة صعبة بالنسبة للمجتمع الدولي. فالكثير من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يعتبرون هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، مما يعني أن أي عملية سياسية يقودها الجولاني ستواجه صعوبات في الحصول على دعم دولي، خاصة في مجال إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية. إلا أن تقاربه مع بعض الأطراف الإقليمية، مثل تركيا، قد يسهم في تسهيل بناء ثقة إقليمية، ولكن هذا لا يكفي لتجاوز التحديات الدولية.

من ناحية أخرى، قد يسهم الاتفاق على تولي الجولاني قيادة الفترة الانتقالية في توحيد صفوف بعض فصائل المعارضة، خاصة تلك التي ترتبط به أو التي تتبنى مواقف مشابهة في سياق الصراع. لكن من جهة أخرى، قد يثير هذا الاختيار انقسامًا داخليًا عميقًا بين فصائل المعارضة المعتدلة والفصائل الأكثر تطرفًا، مما قد يعرض السلم الأهلي للخطر في حال عدم تحقيق توافق واسع.

الخلاصة: اختيار أحمد الجولاني لتولي رئاسة الفترة الانتقالية في سوريا يمثل خطوة قانونية وسياسية معقدة للغاية، ويتطلب توافقًا بين الأطراف السورية المختلفة وكذلك تفاهمًا مع القوى الإقليمية والدولية. في حال تم، فإن تحديات تطبيق هذا الاتفاق ستكون كبيرة، وسيتعين على الجولاني ومؤيديه تقديم ضمانات قوية بشأن الأمن والاستقرار لتحقيق انتقال سياسي حقيقي بعيدًا عن التصعيد العسكري المستمر.