السبت 18 يناير 2025 05:50 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

قراءة نقدية لـ ” نص ”من وراء الستار للشاعرة آمال صالح

النهار نيوز

بقلم حسين حسناوي

من وراء الستار...

هناك بين مرايا الكتمان
رأيت ابتسامة
تحاكي الوجوه
غاب كل شيء
ومرت الابتسامة
كخيال أرجوحة
تريد أن تعانق المدى
مرت ذات لحظة انتظار
بين العيون التي لا تبصر
وتشكلت بين ضباب الكلمات
آثار دمعة

????????????

المدخل:
النص القصصي متحرك كالزلازل او أشدَّ.. يعتمد على السرد الجمالي للأحداث، والتوهج والإشراق الصوفي أنه يُنتج وحدات هائلة بحجم الانفجارأو خلايا سردية تكوينية تتعالق فيما بينها في سياقات دلالية وعلاقات متنوعة دائرية من أجل بناء النص القصصي المائز.. وهذا التنوع هو أحد مناشط القصة القصيرة.. وإذا كان الحد الأدنى للقصة القصيرة هو تطورها.. فان ظاهرتيْ التخفي والظهور/ الحضور والغياب لازمتا حقيقة النص المبدع..
فكان عسر المخاض الذي يصنع الولادة من رحم العدمية
صراع داخل الذات، و معاناة الحضور بالغياب.
أنّ الغياب حدث يعيشه الانسان في حياته كما الحضور
و هو نوعان:
غياب اختياري فيه جانب من الحرية و إثبات للذات
وغياب إجباري فيه ضرب من ضروب الحتمية و الإذعان للقدر
إذ يمكن للإنسان أن يغيب عن عالم الناس و الواقع ويكون سعيدا بذلك القرار لأنه اختيار نابع منه
و قد وجدنا تجربة الغياب تلك عند الرومنطيقيين مثلا لما يئسوا من الآخر
يقول الشابي:
أنا ذاهب الى الغاب يا شعبي **** علّي في صميم الغاب أدفن بؤسي
وللغياب شكل حتمي و هو غياب الموتى الذين ما اختاروا الرحيل و انما الرحيل هو الذي اختارهم وحدّد مواعيد غيابهم
وإذا كان للغياب وجوه فأين تكمن ابتسامته؟
عتبة النص:
العنوان: من وراء الستار هو عتبة نص كتبته آمال صالح جمعت فيه الابتسامة بالدمعة
الابتسامة المتمثّلة في الخيال بدمعة التجربة المتمثلة في الغياب فكل غياب يترك اثر دمعة سواء كان اختياريا كما أسلفنا أو اجباريا
كيف يمكن اذن أن يمتزج هكذا بالابتسامة؟
من وراء الستار قصة قصيرة قامت على التضاد منذ عنوانها وهذا التضاد قد ورد مجملا في العنوان سنجده مفصّلا في المتن…
للقصة مقطعان حسب الثنائية الموجودة في العنوان
مقطع أول : يمثل تجربة الغياب ومرارته من البداية إلى قول الكاتبة “تريد”
أما المقطع الثاني :فهو يمثل "اثار" أو ما يمكن أن أسميه تجربة الحضور
وتمتدّ على ما تبقى من القصة أي من حدث فتح العينين الى آخر النص
-1- تجربة الغياب:
المقطع الأول تجربة الغياب لنا أن تساءل في البداية عن الغائب من يكون؟
لنجد أنّه مرآة تلك الشخصية التي تقوم بوظيفتين:
وظيفة السرد و من الأفعال الدالةـ مرت ـ…………
وتقوم المرآة بوظيفة الحظور باعتبار أن الأفعال
والضمير قد أسندت إلى المؤنث المفرد الغائب _هي _ كخيال ارجوحة……….
كل المقاطع السردية والوصفية قد اتجهت بنا الى حدث واحد أساسي هو الغياب الذي عبّر عنه فعل “مضت” وهي تجربة جديدة بالنسبة إليها لم تتحدّد معالمها بعدُ الا أنها في المقابل تعرف التجربة القديمة بكلّ تفاصيل الوجع فيها
والمعجم يدلّ على الألم في الماضي المتروك وراءها ( لحظة انتظار )
إن تجربة الغياب تلك قد امتزج فيها الاختيار بالإجبار
فالظروف قد باتت جد قاسية لا تحتمل
جعلتها تختار الرحيل والغياب مجبرة خائفة من التراجع و الارتداد
فكانت تنظر للمرآة ( بين العيون التي لا تبصر )
-2- تجربة الحضور
كانت تنظر للمرآة ( بين العيون التي لا تبصر )
أي صورة هي لذكريات تدور في رحى الغياب الذي ينقلب حضورا في وعي وخيال شعري دفاق..
لحظة هدوء في سمفونية كون بعد صخب العزف، تنشدها الروح ثملةً..
ترسمها ابتسامة على شفاه الوجوه
تنتظر…
وفعلا…
تريد أن تعانق المدى.. فهاهي الروح تنزل من عليائها حيث يقظة الوعي المرعبة، تفيق على مشهد وجودي مأساوي يلفه الانتظار
ها هي الذكريات تصطدم بجدار الواقع الصلب والقاسي
وما الأفعال المضاعفة بعد ذاك القرار و أعني قرار الغياب إلا دليل على المكابدة و بذل الجهد ومقاومة آلام المخاض (تشكلت ...)
ثمّ تطلق دمعتها هي اثار الرافض الثائر ماذا ترفض هذه المرأة؟
وعمّ تبكي؟
أو عمّن تبكي؟
لقد رأيت في كاتبة آمال صالح و قد اختارت الحكاية كي تعيش المعنى و البداية
فنراها في القصة تجرّ مع الألم من واقع لم ينصفها (اثار دمعة)

خاتمة:
ـــــــــــــــــ إن مثل هذا الغياب لا يحلو إلا بشهد الحضور كما في نصوصك سيدتي المبدعة آمال صالح….
إذ فيها تغيب عنا المعاني للوهلة الأولى لنجدها بعد ذلك مختفية وراء ستار الصور والمباني …
هكذا تأخذنا قصصك إلى رحلة بعيدة
أنها غوص في الأعماق …
أنها بحق مخاض هو مخاض القراءة والبحث عن المعنى
ما أسعدنا بطعم الابتسامة في:
من وراء الستار.!!