أيمن سلامة : لماذا تعيد تركيا تمركزها و أوضاعها في سوريا الآن ؟
النهار نيوزصرح منذ دقائق اليوم الأحد وزير الدفاع الركي ، ولأول مرة ، أن تركيا ستعيد تقيم تمركزها في سوريا ، وذا الإعلان الرسمي يحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية بالغة الأهمية، خاصة في ظل تطورات المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد وتطبيع العلاقات التركية-السورية. لفهم أبعاد هذا التصريح، يجب النظر إلى السياق الإقليمي والدولي والعوامل المؤثرة في السياسات التركية تجاه سوريا.
1. التحول في السياسة التركية تجاه سوريا
تاريخيًا، لعبت تركيا دورًا محوريًا في الصراع السوري، حيث دعمت المعارضة السورية المسلحة وساهمت في تأمين مناطق واسعة شمالي سوريا. ومع سقوط نظام الأسد، يشير تصريح وزير الدفاع التركي إلى أن أنقرة ترى ضرورة إعادة النظر في استراتيجياتها لضمان حماية مصالحها الوطنية، وتحديدًا ما يتعلق بأمنها القومي واستقرار حدودها الجنوبية.
2. التطبيع التركي-السوري وتأثيره على السياسات الأمنية
التطبيع بين تركيا وسوريا قد يشير إلى بداية مرحلة جديدة من التعاون الأمني والعسكري بين البلدين. هذا التعاون قد يشمل:
- إعادة التنسيق الأمني: لضمان مكافحة الإرهاب وضبط الحدود.
- تسوية أوضاع المناطق الآمنة: التي أنشأتها تركيا في شمال سوريا.
- إعادة اللاجئين: حيث تشكل قضية اللاجئين السوريين في تركيا ضغطًا سياسيًا داخليًا كبيرًا على أنقرة، وقد تسعى تركيا للتوصل إلى اتفاقيات مع الحكومة السورية الجديدة لتسهيل عودتهم.
3. التداعيات العسكرية والاستراتيجية
إعادة تقييم التمركز التركي في سوريا قد تشمل:
- تقليص أو تعزيز الوجود العسكري التركي: بناءً على مستوى التهديدات من الجماعات المسلحة الكردية أو تنظيمات إرهابية أخرى.
- إعادة انتشار القوات: بحيث تتلاءم مع الأولويات الجديدة التي قد تتضمن التعاون مع الجيش السوري لإعادة الاستقرار.
- إنهاء أو تعديل العمليات العسكرية التركية: مثل عملية "غصن الزيتون" و"درع الفرات"، والتي كانت تهدف إلى تأمين المناطق الحدودية.
4. أهداف تركيا المستقبلية في سوريا
تصريح الوزير يشير إلى أن أنقرة قد تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها:
- حماية أمنها القومي: من خلال ضمان عدم تشكيل الجماعات الكردية المسلحة، مثل "قوات سوريا الديمقراطية"، تهديدًا على الحدود التركية.
- ضمان مصالحها الاقتصادية: عبر المشاركة في إعادة الإعمار السورية أو تأمين ممرات تجارية عبر الأراضي السورية.
- تعزيز النفوذ الإقليمي: حيث تسعى تركيا للحفاظ على دورها كفاعل أساسي في مستقبل سوريا السياسي.
5. رسائل موجهة للداخل والخارج
- للداخل التركي: التصريح يحمل رسالة تطمين للناخبين الأتراك الذين يتطلعون لحلول لمسألة اللاجئين والمخاوف الأمنية على الحدود.
- للخارج: خاصة القوى الدولية مثل روسيا والولايات المتحدة، فإن تركيا تسعى لتأكيد استقلالية قرارها الاستراتيجي في سوريا مع الاستعداد للتعاون إذا لزم الأمر.
6. التحديات المستقبلية
رغم هذه النوايا، تواجه تركيا تحديات كبيرة:
- التوترات مع القوى الكردية: حيث لن يكون من السهل حل هذه القضية دون معارضة من بعض الأطراف.
- التنسيق مع الحكومة السورية الجديدة: سيعتمد على مدى استعداد الطرفين للتعاون.
- المعادلات الدولية: فالتواجد الروسي والإيراني والأمريكي في سوريا قد يعقد جهود تركيا لإعادة صياغة دورها في البلاد.
ختاما
تصريح وزير الدفاع التركي يمثل تحولًا هامًا في السياسة التركية تجاه سوريا، وهو بمثابة إعلان عن دخول أنقرة مرحلة مراجعة شاملة لاستراتيجياتها في ظل المشهد الجديد. هذا التحول يعكس تطلع تركيا لتأمين مصالحها الوطنية عبر مقاربة جديدة قد تشمل التعاون مع الحكومة السورية وإعادة تقييم وجودها العسكري، لكن النجاح في ذلك يعتمد على قدرة أنقرة على تجاوز التحديات الأمنية والسياسية والدبلوماسية في المنطقة.