الخميس 21 نوفمبر 2024 05:51 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الدكتور أيمن سلامة : واجبات الطبيب ومقدمي الرعاية الطبية

النهار نيوز

تعد العلاقة بين الأطباء ومقدمي الرعاية الطبية من جهة، والمريض من جهة أخرى، أحد العناصر الأساسية في تقديم رعاية صحية فعالة وذات جودة. حيث ترتبط جودة الخدمة المقدمة بمدى الالتزام بواجبات المهنة من قبل مقدمي الرعاية، واحترام حقوق المرضى، مما يسهم في بناء ثقة قوية بين الأطراف وتحقيق أفضل نتائج علاجية.

أولًا: واجبات الطبيب ومقدمي الرعاية الطبية

تتضمن واجبات الطبيب ومقدمي الرعاية الطبية عدة جوانب تتعلق بأخلاقيات المهنة، القوانين الصحية، والممارسات الطبية السليمة. وتشمل هذه الواجبات ما يلي:

الالتزام بالمهنية وأخلاقيات المهنة:

يجب على الأطباء ومقدمي الرعاية الطبية الالتزام بأخلاقيات المهنة، كالتصرف بمسؤولية وأمانة تجاه المرضى، وعدم استخدام المعلومات الشخصية أو الطبية للمريض في أغراض غير مشروعة. كما يجب عليهم احترام كرامة المريض وحقوقه، والعمل بنزاهة دون تحيز.

التشخيص والعلاج السليم:

يقع على عاتق الطبيب مسؤولية تشخيص المرض بدقة واختيار العلاجات المناسبة للحالة الصحية للمريض. ويتطلب ذلك الاستفادة من المعرفة والخبرة الطبية المتاحة، واستشارة الزملاء عند الحاجة. كما يجب أن يكون الطبيب على اطلاع دائم بأحدث التطورات الطبية لتحقيق أفضل نتائج علاجية.

تقديم المشورة والمعلومات الكاملة للمريض:

من حق المريض الحصول على معلومات واضحة وشاملة عن حالته الصحية وخيارات العلاج المتاحة، حتى يتمكن من اتخاذ قرارات مستنيرة حول علاجه. ويتعين على الطبيب تقديم هذه المعلومات بلغة مفهومة للمريض، وتجنب إخفاء الحقائق إلا في الحالات التي تؤدي فيها المعلومات إلى ضرر نفسي بالغ للمريض.

حفظ سرية المعلومات الطبية:

يعتبر الحفاظ على سرية المعلومات الطبية أحد أهم واجبات الطبيب. ويشمل ذلك المعلومات المتعلقة بالتشخيص، العلاج، والتاريخ الطبي للمريض. ولا يجوز الكشف عن هذه المعلومات لأي طرف ثالث بدون موافقة المريض، إلا في حالات طارئة تتطلب تدخلًا لإنقاذ حياة المريض أو حماية الآخرين.أحد أبرز القضايا التي أثارت اهتمام المحاكم الأمريكية حول مبدأ سرية المعلومات الطبية هي قضية "تورنبول ضد عيادة كليفلاند" (Turnbull v. Cleveland Clinic). وتناولت هذه القضية مفهوم الخصوصية وسرية المعلومات الطبية، حيث زعمت المريضة أن معلوماتها الطبية تم إفشاؤها لأطراف أخرى دون موافقتها.

في هذه القضية، رفعت مريضة دعوى قضائية ضد عيادة كليفلاند، مدعيةً أن المستشفى أفشى معلومات طبية خاصة بها لأفراد عائلتها دون الحصول على موافقتها، وقد تسبب هذا الإفشاء في إلحاق ضرر شخصي ونفسي بها. طالبت المريضة بتعويضات نتيجة انتهاك خصوصيتها، واعتبرت أن هذه التصرفات تمثل خرقًا واضحًا لقانون السرية الطبية وقوانين الخصوصية الصحية في الولايات المتحدة.

النتائج والتداعيات

أدت القضية إلى نقاش قانوني واسع حول ما إذا كان يحق للجهات الطبية الإفشاء عن معلومات المريض في ظروف معينة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعائلة أو المواقف التي يُعتقد فيها أن الإفشاء قد يكون في مصلحة المريض. وعلى الرغم من وجود قوانين مثل قانون التأمين الصحي الأمريكي (HIPAA) الذي يحمي خصوصية وسرية المعلومات الطبية، فإن تفاصيل هذه القضية أدت إلى تطوير سياسات وإجراءات داخل المستشفيات لضمان حماية خصوصية المرضى بشكل أكبر.

تأثير القانون

تعتبر قضية تورنبول ضد عيادة كليفلاند مثالًا مهمًا على كيفية تعامل المحاكم الأمريكية مع قضايا السرية الطبية وحقوق المرضى في الخصوصية. وقد دفعت هذه القضية والعديد من القضايا المشابهة الأخرى إلى مزيد من التشديد على القوانين المعنية بحماية المعلومات الصحية، والتأكيد على ضرورة حصول المنشآت الطبية على موافقة المريض الواضحة قبل مشاركة أي معلومات صحية، إلا في حالات استثنائية تتطلب تدخلًا سريعًا لإنقاذ حياة المريض أو حماية الآخرين.

أهمية القضية

توضح هذه القضية كيف يمكن أن يؤدي خرق خصوصية المريض إلى تداعيات قانونية وأخلاقية على الممارسات الطبية في الولايات المتحدة. وقد أثرت هذه القضية على المؤسسات الصحية، مما دفعها لتحديث أنظمتها وضوابطها حول سرية المعلومات الطبية وخصوصية المرضى، كما كانت هذه القضية جزءًا من حوار أكبر حول حماية حقوق المرضى، خاصة في عصر التقنيات الرقمية التي تجعل المعلومات الطبية أكثر عرضة للاختراق أو الإفشاء غير القانوني.

تقديم الرعاية بلا تمييز:

يجب على مقدمي الرعاية الطبية تقديم الخدمات الطبية لكل المرضى على قدم المساواة، دون تمييز على أساس العرق، الدين، الجنس، أو الوضع الاجتماعي. ويجب أن يكون الوصول إلى الرعاية الصحية حقًا متاحًا للجميع، ويتم تقديم الرعاية بأقصى درجات الاحترافية والمهنية.

الاستجابة السريعة للطوارئ:

في حالات الطوارئ، يتعين على الأطباء الاستجابة بسرعة لتقديم العلاج اللازم للمريض. ويشمل ذلك الحالات التي تتطلب إنقاذ الحياة، أو التخفيف من الألم، أو الوقاية من تدهور الحالة الصحية. وفي هذه الظروف، يجب أن تكون الأولوية للمريض وليس للجانب المادي.

ثانيًا: حقوق المريض

تعد حقوق المريض جزءًا أساسيًا من تقديم الرعاية الصحية الجيدة. وتهدف إلى حماية كرامة المريض، وتعزيز تجربته في الحصول على العلاج المناسب. من أهم حقوق المريض:

الحق في الحصول على رعاية صحية مناسبة:

من حق المريض الحصول على رعاية صحية مناسبة وكافية تتناسب مع حالته الصحية واحتياجاته الطبية. ويشمل ذلك توفير العلاج اللازم، والمتابعة الطبية المستمرة، والاستفادة من أحدث ما توصل إليه العلم في المجالات الطبية.

الحق في الخصوصية وسرية المعلومات:

للمريض الحق في أن تُعامل معلوماته الطبية بسرية وخصوصية تامة، وأن لا تُكشف لأي شخص أو جهة بدون إذنه، ما لم يكن هناك ضرورة قانونية أو صحية تقتضي ذلك.

الحق في الاطلاع على حالته الصحية:

يجب على الطبيب أن يقدم للمريض معلومات كاملة ودقيقة حول حالته الصحية، ونتائج الفحوصات الطبية، وتوصيات العلاج. ويحق للمريض طرح الأسئلة والحصول على إجابات واضحة من الفريق الطبي.

الحق في الموافقة الحرة والمستنيرة:

من حق المريض أن يُمنح فرصة اتخاذ قرار مستنير بشأن تلقي العلاج أو رفضه. ويجب أن يحصل المريض على شرح وافي عن الفوائد والمخاطر المرتبطة بالعلاج قبل اتخاذ القرار. كما يحق له سحب موافقته في أي وقت.

الحق في الاحترام والمعاملة الكريمة:

يجب أن يُعامل المريض بكرامة واحترام، وأن تُحترم قيمه ومعتقداته الشخصية. ويجب أن يشعر المريض بالأمان والطمأنينة أثناء تلقي الرعاية الصحية.

في الختام، تلعب العلاقة بين واجبات الأطباء وحقوق المرضى دورًا محوريًا في تحسين جودة الرعاية الصحية. فالتزام الأطباء بواجباتهم واحترام حقوق المرضى يسهم في بناء علاقة ثقة متبادلة، ويحقق نتائج صحية أفضل. ولا بد من العمل على تعزيز وعي المرضى بحقوقهم، وتوفير بيئة عمل تدعم الأطباء ومقدمي الرعاية الطبية ليتمكنوا من القيام بواجباتهم على أفضل وجه.