أيمن سلامة : لماذا علق الإتحاد الإفريقي عضوية مصر بعد ثورة 30يونيو 2013؟
النهار نيوزلا يزال الشراح و الفقهاء يجتهدون في تأصيل و تأويل ما حدث في سائر أنحاء مصر يوم 30 يونية عام 2013 ، و أخذ البعض في محاولة طرح رؤيته الخاصة و التي لا شك ستكون متعصبة لفريقه السياسي الذين ينتمي اليه ، دون مراعاة لقواعد البحث العلمي ومعاييره الموضوعية القياسية .
فانبري البعض ، يحاول أن يظهر بمظهر الباحث المحايد فوصف الأمر علي أنه انقلاب و لكنه ناعم ، و البعض الأخر كيّف الحدث الجلل علي أنه انقلاب عسكري محض وفقا لمعاجم المصطلحات والعلوم القانونية و السياسية ، في حين دافع نفر كبير من الباحثين عن ثورية الحدث و شعبيته و التأكيد علي أن الأمر برمته لا يخرج عن نطاق الثورة الشعبية التي حماها الشعب المصري ، بل واختلافها هذه المرة عن الاحداث التي وقعت في يناير 2011 ، حين تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر مقاليد السلطات سواء التأسيسية حين أصدر الاعلانات الدستورية ، السلطة التشريعية بعد حل مجلس الشعب ، و كان المجلس ايضا برئاسة وزير الدفاع يمارس السلطة التنفيذية العليا في البلاد التي سَيّرت أهم الشؤون الداخلية و الخارجية للبلاد .
لقد عالج فقهاء القانون الدستوري في العالم الحالتين أو لِنَقل الظاهرتين ، من خلال التعرض لنقطتين فارقتين تسهل الممايزة بين الثورة الشعبية ، والانقلاب العسكري ، و من خلال دراسة هاتين النقطتين يمكن للقارئ الكريم الاستنباط السريع و المباشر لتكييف الحالة الراهنة في البلاد ، خاصة بعد أن أصبحت الحالة المصرية محط الاهتمام العالمي بشكل أكبر بكثير عن ذلك الاهتمام الذي حصل أثناء ثورة 25 يناير عام 2011.
أولا : يجتهد الباحثون في علم القانون الدستوري في تمييزهم بين الثورة الشعبية و بين الانقلاب العسكري ، بالنظر الي مصدر الجهة التي قامت بالفعل أي العمل ، فيرون أنه اذا كانت هذه الجهة ذات مصدر شعبي أي أن الشعب هو الذي ثار علي الاوضاع المختلفة القائمة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية و غيرها، و تتسم هذه المعارضة الشعبية العارمة الكاسحة بالعفوية ، و أحيانا العنف غير المنظم .
ان الحالة المصرية ذاخرة بالعديد من الأمثلة التي تعكس و تؤكد هذا الطرح ، فكانت هناك ثورة عام 1919 ، و ثورة يناير 1952 التي كانت انقلابا عسكريا محضا ثم صارت ثورة شعبية وفقا لهذا الطرح بعد أن أيدته كل جموع الشعب المصري ، أما الانقلاب العسكري وفقا لهؤلاء فغالبا ما تقوم به أجهزة و أدوات الدولة أو مجموعات مندسة في النظام و هي جزء منه مثل الجيش أو الشرطة أو الدرك و غيرها من أجهزة أمنية لها القدرة علي قلب النظام الي نظام أخر دون الاستناد علي إرادة الشعب .
لقد كانت حكومة العقداء العسكرية الانقلابية في اليونان عام 1969 -1974 ، والانقلاب العسكري للجنرال " كنعان افرين " في تركيا 1980 ، و حكومات الطغمة العسكرية " العسكر " في امريكا اللاتينية في الثمانينات و التسعينات من القرن المنصرم من أشهر الأمثلة الانقلابية التي لم تستند في دستوريتها أو شرعيتها علي أرادة الشعب ، بل علي قوتها العسكرية النافذة المسيطرة فاغتصبت السلطة دون سند ، و تشبثت بها و لم تتنازل عنها طوعا ، و لكن أما بعد انقلاب أخر ، أو ثورة شعبية أخري ، أو حرب أهلية تنتهي بانحسارها وانزوائها.
يتوازى مع المعيار الأول الذي ذكرناه في الممايزة بين الثورة و الانقلاب العسكري ، المعيار الثاني الذي يتعرض للهدف المرجو من العمل ، فالثورة تهدف لقلب الأوضاع السياسية والاقتصادية و الاجتماعية في اغلب الاحيان ، فالثورة قلب للأوضاع و ليس فقط " واقعة مادية " ، أما الانقلاب فالهدف منه في أغلب الاحوال تحقيق مصالح مجموعة أو فئة تسمي " السلطة " ، باعتبار أن الانقلاب اغتصاب للسلطة .
ثالثا : خلافاً لكافة الانقلابات العسكرية التي وقعت في القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة ، قامت الكثرة الكاثرة من دول العالم بإدانة هذه الانقلابات العسكرية ، ووصل الأمر إلي صدور العديد من البيانات الرسمية من دول كثيرة بأنها لن تعترف بالطغمة العسكرية الانقلابية في هذه الدول الإفريقية ، وكل هذا لم يحدث في الحالة المصرية في عام 2013 .