د. علي الدرورة يكتب:الحروفيات و العتبات الجمالية ( 3)


النقاط: وهي العلامة التي لها وضع لكن لا طول لها ولا عرض ولا عمق.
في العربية حروف لها نقاط إما فوق الحرف في العربية حروف، مثلاً: (خ) و (ف) و (ق) و (ش) و (ز) و (ظ) و(ذ).
وإمّا في بطنه، مثل: (ج) و (ن) و (ت) و (ث)، وإما أسفله، مثل: (ب).
وهو ما نطلق على هذه الحروف بالحروف: (المعجمة) لأنّ التي بدون نطلق عليها: (المهملة)، وإذاً لا يوجد حروف ذات أربع نقاط فهي إما نقطة واحدة وإما ثلاث نقاط.
وفي المشرق حيث تتعدّد اللغات المستخدمة الحروف العربية كالفارسية والكردية والأردية والبشتو والبلوشية وغيرها من اللغات ابتكروا حرفاً هو (ݯ) أي (ح) وفي بطنه ثلاث نقاط، لأنّ حرف (ح) فيه حرف واحد إما (ج) أو (خ)، وفي شمال أفريقيا استخدموا ثلاث نقاط (⸫) فوق حرف (ك) (ﯕ)، أما في رواية ورش فنجد أنّ قراءة (ف) و (ق) هي نفسها ولكن رسمها يختلف، فالحرف (ف) يكتب (ڢ) ونلاحظ أنّ النقطة توضع تحت الحرف، بينما القاف (ق) تحذف نقطة واحدة فتكون (ڧ)، ونجد أنّ كلمة القرآن مثلاً تكتب (الفرآن) ورحلة النقطة لها عتبات عديدة حاولنا تتبعها منذ عهد أبي الأسود الدؤلي عندما وضع النقاط فوق الحروف حيث كانت العرب تقرأ الحروف بدون نقاط، ولكن الأعاجم لم يفرّقوا في القراءة ولم يجدّدوا ذلك فوصفت لهم النقاط حتى يميّزوا الحرف: (المهمل) عن (المعجم).
وحتى اليوم ما زال الإنسان العربي بإمكانه قراءة الحروف الكوفية بدون نقاط دونما صعوبة.
وهناك حرف (ن) فنجده عند الهنود بدون نقطة، بمعنى أنه نون ساكنة، كما نجد أنّ حرف (ر) عليه نقطة واحدة وهو الزاي (ز) أو ما يسمّيه البعض (الزاء) نجد أنّه في بعض اللغات يوضع عليه ثلاث نقاط (ژ) كالفارسية و التمزاغيت.
كما هو الحال في حرف (ب) الذي أسفله نقطة واحدة فنجد في الأوردية توضع ثلاث نقاط (پ) وهذه العتبة ليس لها قاعدة عند العرب حيث إنّهم لا يستخدمونها، وبناءً على ذلك لا يستعملونها إطلاقاً، أما من ناحية بصرية فهذا يعود إلى الفنان نفسه في توظيف الحروف والتلاعب بها فنياً في لوحته فهذا متاح له وبدون حدود، فاللوحة الفنية من ناحية تشكيلية لها آفاق فنية على عكس اللوحة ذات الخطوط التشكيلية بالجمل والحكم العربية.
تمثلت النقطة (سبع نقاط) كمسافة لقياس الحرف في الخط العربي وهو دراسة التمطيط، فالفاء (ف) تمطط على عكس (القاف) (ق) لا تمطط، والكاف والسين في كثير من الحالات تمطط من ناحية فنية، وإنّ الإدراك البصري في الأخطاء التي يلاحظها الأمي قبل الفنان، مثلاً: (بــــــــــــــــــــــــــــسـم) وصوابها (بســـــــــــــــــــــــــــــم) لاحظ المسافة بين ب و س ممتدة وهو خطأ، بينما (س و م) الامتداد صحيح.
إنّ التمطيط بين الحرف والآخر له خصائص فنية وكذلك وضع النقطة على الحرف له خصائص بصرية فالنقطة في كلمة (نسخ)، غير النقطتين المشبوكتين في كلمة (الرقعة) فالرقعة لا يمكن أن تكتب (رقعة) بانفصال النقطتين عن بعضيهما، فهذا تشويه بصري لا شك، هنا في هذه الثيمة تعتمد على قاعدة الخط وبالتالي هي عتبة ثابتة لا يمكن زحزحتها إذ تعطي العذوبة الرائعة لتوعية الخط أو لهذا النمط الفني من بين الخطوط المتنوعة.
ولاحظ حرف (ع) و (غ) لا يوجد نقطة في بطن أحدهما (ع) هذا الحرف غير موجود إطلاقاً لا عند العرب ولا عند غيرهم من الأمم الذين يستخدمون الحروف العربية.
إذا عرفنا بأنّ النقطة هي أبسط العناصر التصميمية، فقد تدلّ على المكان وحده.
وكما عرفنا أيضاً بأنّه لا أبعاد لها من الناحية الهندسية وإن كنّا ندرس عتبتها الفنية حيث يميل معظم الناس على اختلاف ثقافاتهم بأن يرونها نقطة دائرية الشكل، كما أنها لا تظهر أيّ اتجاه إذ استخدمت منفردة وهي موضع في حيّز أو فراغ ليس له طول أو عرض أو عمق.
إذاً هي النقطة بتلك الجزئية بالغة الأهمية في عالم التصميم والرسم والإبداع وهي تشغل محيطاً حولنا.
__
منتدى النورس الثقافي الدولي بالقطيف.